قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14230الأنصاري ) هو إسحاق بن موسى الأنصاري ( عن أبي مرة ) اسمه يزيد مولى عقيل بن أبي طالب ويقال مولى أخته أم هانئ مدني مشهور بكنيته ثقة من الثالثة .
قوله : ( إذ أقبل ثلاثة نفر ) النفر بالتحريك للرجال من ثلاثة إلى عشرة والمعنى ثلاثة هم نفر والنفر اسم جمع ولهذا وقع مميزا للجمع كقوله تعالى : وتسعة رهط ( فأقبل اثنان ) بعد قوله أقبل ثلاثة هما إقبالان كأنهم أقبلوا أولا من الطريق فدخلوا المسجد مارين كما في حديث أنس : فإذا ثلاثة نفر يمرون فلما رأوا مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- أقبل إليه اثنان منهم واستمر الثالث ذاهبا .
كذا [ ص: 423 ] في الفتح ( فلما وقفا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم ) أي على مجلس رسول -صلى الله عليه وسلم- أو " على " بمعنى " عند " ( فرأى فرجة ) بضم الفاء وفتحها لغتان وهي الخلل بين الشيئين ويقال لها أيضا فرج ومنه قوله تعالى : وما لها من فروج جمع فرج ، وأما الفرجة بمعنى الراحة من الغم فذكر الأزهري فيها فتح الفاء وضمها وكسرها ، وقد فرج له في الحلقة والصف ونحوهما بتخفيف الراء يفرج بضمها ( في الحلقة ) بإسكان اللام على المشهور كل شيء مستدير خالي الوسط والجمع حلق بفتحتين ، وحكي فتح اللام في الواحد وهو نادر ( أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله ) قال النووي : لفظه أوى بالقصر وآواه بالمد هكذا الرواية وهذه هي اللغة الفصيحة وبها جاء القرآن أنه إذا كان لازما كان مقصورا وإن كان متعديا كان ممدودا ، قال الله تعالى : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة وقال تعالى : إذ أوى الفتية إلى الكهف وقال في التعدي : وآويناهما إلى ربوة وقال تعالى : ألم يجدك يتيما فآوى .
قال القاضي : وحكى بعض أهل اللغة فيهما جميعا لغتين القصر والمد ، فيقال أويت إلى الرجل بالقصر والمد وآويته وأويته بالمد والقصر والمشهور الفرق كما سبق . قال العلماء : معنى أوى إلى الله أي لجأ إليه . قال القاضي : وعندي أن معناه هنا دخل مجلس ذكر الله تعالى ، أو دخل مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومجمع أوليائه وانضم إليه ، ومعنى آواه الله أي قبله وقربه ، وقيل : معناه رحمه أو آواه إلى جنته أو كتبها له ( وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه ) قال النووي : أي ترك المزاحمة والتخطي حياء من الله تعالى ومن النبي -صلى الله عليه وسلم- والحاضرين أو استحياء منهم أن يعرض ذاهبا كما فعل الثالث فاستحيا الله منه أي رحمه ولم يعذبه بل غفر ذنوبه ، وقيل جازاه بالثواب ، قالوا : ولم يلحقه بدرجة صاحبه الأول في الفضيلة الذي آواه وبسط له اللطف وقربه ، قال وهذا دليل اللغة الفصيحة أنه يجوز في الجماعة أن يقال في غير الأخير منهم الآخر ، فيقال : حضرني ثلاثة أما أحدهم فقرشي وأما الآخر فأنصاري وأما الآخر فتيمي . وقد زعم بعضهم أنه لا يستعمل الآخر إلا في الأخير خاصة وهذا الحديث صريح في الرد عليه ، انتهى ( وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه ) أي لم يرحمه ، وقيل : سخط عليه ، وهذا محمول على إنه ذهب معرضا لا لعذر وضرورة قاله النووي ، وقال الحافظ : أي سخط عليه وهو محمول على من ذهب معرضا لا لعذر هذا إن كان مسلما ، ويحتمل أن يكون منافقا واطلع النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمره كما [ ص: 424 ] يحتمل أن يكون قوله -صلى الله عليه وسلم- فأعرض الله عنه إخبارا أو دعاء ، ووقع في حديث أنس : فاستغنى فاستغنى الله عنه . وهذا يرشح كونه خبرا ، وإطلاق الإعراض وغيره في حق الله تعالى على سبيل المقابلة والمشاكلة ، فيحمل كل لفظ منها على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى ، وفائدة إطلاق ذلك بيان الشيء بطريق واضح ، انتهى .
وفي الحديث استحباب جلوس العالم لأصحابه وغيرهم في موضع بارز ظاهر للناس والمسجد أفضل فيذاكرهم العلم والخير . وفيه جواز حلق العلم والذكر في المسجد واستحباب دخولها ومجالسة أهلها وكراهة الانصراف عنها من غير عذر واستحباب القرب من كبير الحلقة ليسمع كلامه سماعا بينا ويتأدب بأدبه ، وأن قاصد الحلقة إن رأى قوة دخل فيها وإلا جلس وراءهم ، وفيه الثناء على من فعل جميلا فإنه -صلى الله عليه وسلم- أثنى على الاثنين في هذا الحديث وأن الإنسان إذا فعل قبيحا ومذموما وباح به جاز أن ينسب إليه .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في العلم وفي الصلاة ، وأخرجه مسلم في كتاب السلام ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في العلم .