[ ص: 435 ] ( باب ما جاء في قبلة اليد والرجل ) أي في تقبيلهما .
قوله : ( أخبرنا عبد الله بن إدريس ) هو الأودي المعافري أبو محمد الكوفي ( nindex.php?page=showalam&ids=11804وأبو أسامة ) هو حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي ( عن عبد الله بن سلمة ) بكسر اللام المرادي الكوفي .
تنبيه : قال النووي في مقدمة شرح مسلم : سلمة كله بفتح اللام إلا عمرو بن سلمة إمام قومه وبني سلمة القبيلة من الأنصار فبكسر اللام ، وفي عبد الخالق بن سلمة الوجهان ، انتهى .
قلت : وعبد الله بن سلمة هذا أيضا بكسر اللام كما في التقريب والخلاصة .
قوله : ( قال يهودي لصاحبه ) أي من اليهود ( اذهب بنا ) الباء للمصاحبة أو التعدية ( إلى هذا النبي -صلى الله عليه وسلم ) أي لنسأله عن مسائل ( فقال صاحبه لا تقل ) أي له كما في رواية ( نبي ) أي هو نبي ( إنه ) بكسر الهمزة استئناف فيه معنى التعليل أي لأنه ( لو سمعك ) أي سمع قولك : إلى هذا النبي ( كان له أربعة أعين ) هكذا وقع في النسخ الموجودة ، ووقع في المشكاة أربع أعين بغير التاء وهو الظاهر ، يعني : يسر بقولك هذا النبي سرورا يمد الباصرة ، فيزداد به نورا على نور كذي عينين أصبح يبصر بأربع ، فإن الفرح يمد الباصرة ، كما أن الهم والحزن يخل بها ، ولذا يقال لمن أحاطت به الهموم أظلمت عليه الدنيا ( فسألاه ) أي امتحانا ( عن تسع آيات بينات ) أي واضحات ، والآية العلامة الظاهرة تستعمل في المحسوسات كعلامة الطريق والمعقولات ، كالحكم الواضح ، والمسألة الواضحة ، فيقال لكل ما تتفاوت فيه المعرفة بحسب التفكر فيه ، والتأمل وحسب منازل الناس في العلم آية والمعجزة آية ، ولكل جملة دالة على حكم من أحكام الله آية ، ولكل كلام منفصل بفصل لفظي آية ، والمراد بالآيات هاهنا .
إما المعجزات التسع ، وهي العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنون ونقص من الثمرات ، وعلى هذا فقوله : لا تشركوا ، كلام مستأنف ذكره عقيب الجواب ولم يذكر الراوي الجواب استغناء بما في [ ص: 436 ] القرآن أو بغيره ، ويؤيده ما في رواية الترمذي في التفسير : فسألاه عن قول الله تعالى : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات وأما الأحكام العامة الشاملة للملل الثابتة في كل الشرائع وبيانها ما بعدها ، سميت بذلك ؛ لأنها تدل على حال المكلف بها عن السعادة والشقاوة ، وقوله : وعليكم خاصة حكم مستأنف زائد على الجواب ولذا غير السياق ( لا تشركوا بالله ) أي بذاته وصفاته وعبادته ( شيئا ) من الأشياء أو الإشراك ( ولا تمشوا ببريء ) بهمزة وإدغام أي بمتبرئ من الإثم والباء للتعدية ، أي لا تسعوا ولا تتكلموا بسوء فيمن ليس له ذنب (إلى ذي سلطان ) أي صاحب قوة وقدرة وغلبة وشوكة ( ولا تسحروا ) بفتح الحاء ( ولا تأكلوا الربا ) فإنه سحق ومحق ( ولا تقذفوا ) بكسر الذال ( محصنة ) بفتح الصاد ويكسر أي لا ترموا بالزنا عفيفة ( ولا تولوا ) بضم التاء واللام من ولي تولية إذا أدبر ، أي ولا تولوا أدباركم ويجوز أن يكون بفتح التاء واللام من التولي وهو الإعراض والإدبار أصله تتولوا فحذف إحدى التاءين ( الفرار ) بالنصب على أنه مفعول له أي لأجل الفرار ( يوم الزحف ) أي الحرب مع الكفار ( وعليكم ) ظرف وقع خبرا مقدما ( خاصة ) منونا حال من الضمير المجرور والمستتر في الظرف عائد إلى المبتدأ أي مخصوصين بهذه العاشرة أو حال كون الاعتداء مختصا بكم دون غيركم من الملل أو تمييز والخاصة ضد العامة ( اليهود ) نصب على التخصيص والتفسير أي أعني اليهود ، ويجوز أن يكون خاصة بمعنى خصوصا ويكون اليهود معمولا لفعله أي أخص اليهود خصوصا ( ألا تعتدوا ) بتأويل المصدر في محل الرفع على أنه مبتدأ من الاعتداء ( في السبت ) أي لا تتجاوزوا أمر الله في تعظيم السبت بأن لا تصيدوا السمك فيه ، وقيل : ( عليكم ) اسم فعل بمعنى خذوا أو أن لا تعتدوا مفعوله أي الزموا ترك الاعتداء ( قال ) أي صفوان ( فقبلوا يديه ورجليه ) -صلى الله عليه وسلم- ( وقالوا ) وفي رواية الترمذي في التفسير فقبلا يديه ورجليه وقالا ( نشهد أنك نبي ) إذ هذا العلم من الأمي معجزة لكن نشهد أنك نبي إلى العرب ( أن تتبعوني ) بتشديد التاء وقيل : بالتخفيف أي من أن تقبلوا نبوتي بالنسبة إليكم وتتبعوني في الأحكام الشرعية التي هي واجبة عليكم ( قال ) لم يقع هذا اللفظ في أكثر النسخ ( دعا ربه أن لا يزال ) أي بأن لا ينقطع ( من ذريته نبي ) إلى يوم القيامة فيكون مستجابا [ ص: 437 ] فيكون من ذريته نبي ويتبعه اليهود وربما يكون لهم الغلبة والشوكة .
( وإنا نخاف إن تبعناك تقتلنا اليهود ) أي فإن تركنا دينهم واتبعناك لقتلنا اليهود إذا ظهر لهم نبي وقوة ، وهذا افتراء محض على داود -عليه الصلاة والسلام- ؛ لأنه قرأ في التوراة والزبور بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- النبي وأنه خاتم النبيين ، وأنه ينسخ به الأديان ، فكيف يدعو بخلاف ما أخبر الله تعالى به من شأن محمد -صلى الله عليه وسلم- ؟ ولئن سلم فعيسى من ذريته وهو نبي باق إلى يوم الدين ، والحديث يدل على جواز تقبيل اليد والرجل ، قال ابن بطال : اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه وأجازه آخرون واحتجوا بما روي عن ابن عمر ، أنهم لما رجعوا من الغزو حيث فروا قالوا : نحن الفرارون ، فقال : بل أنتم الكرارون إنا فئة المؤمنين ، قال : فقبلنا يده ، قال : وقبل أبو لبابة nindex.php?page=showalam&ids=331وكعب بن مالك صاحباه يد النبي -صلى الله عليه وسلم- حين تاب الله عليهم ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13658الأبهري ، وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم ، وقبل nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13658الأبهري : وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التعظيم والتكبر ، وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز .
قال ابن بطال : وذكر الترمذي من حديث صفوان بن عسال أن يهوديين أتيا النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألاه عن تسع آيات الحديث . وفي آخره فقبلا يده ورجله . قال الترمذي حسن صحيح . قال الحافظ : حديث ابن عمر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وحديث أبي لبابة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الدلائل وابن المقري ، وحديث كعب وصاحبيه أخرجه ابن المقري وحديث أبي عبيدة . أخرجه سفيان في جامعه ، وحديث ابن عباس أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وابن المقري ، وحديث صفوان أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وقد جمع الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=12909أبو بكر بن المقري جزءا في تقبيل اليد سمعناه أورد فيه أحاديث كثيرة وآثارا فمن جيدها حديث الزارع العبدي وكان في وفد عبد القيس ، قال : فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي -صلى الله عليه وسلم- ورجله . أخرجه أبو داود . ومن حديث فريدة العصر مثله ، ومن حديث أسامة بن شريك قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=755050قمنا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقبلنا يده . وسنده قوي ، ومن حديث جابر : أن عمر قام إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقبل يده ، ومن حديث بريدة في قصة الأعرابي والشجرة فقال يا رسول الله ائذن لي أن أقبل رأسك ورجليك فأذن له . وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الأدب المفرد من رواية عبد الرحمن بن رزين قال أخرج لنا nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها فقبلناها ، وعن ثابت أنه قبل يد أنس . وأخرج أيضا أن عليا قبل يد العباس ورجله . وأخرجه ابن المقري . وأخرج من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12139أبي مالك الأشجعي قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=51لابن أبي أوفى ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فناولنيها فقبلتها . قال النووي : تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو [ ص: 438 ] ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب ، فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة ، وقال أبو سعيد المتولي لا يجوز كذا في الفتح .
قوله : ( وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=13994يزيد بن الأسود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=331وكعب بن مالك ) أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=13994يزيد بن الأسود فأخرجه أحمد ، وأما حديث ابن عمر فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الأدب المفرد . وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في أواخر أبواب الجهاد ، وليس فيه ذكر التقبيل . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك فأخرجه ابن المقري .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه .