[ ص: 116 ] قوله : ( لأن يمتلئ ) من الامتلاء ( جوف أحدكم قيحا ) بفتح القاف وسكون التحتية بعدها مهملة ، أي مدة لا يخالطها دم وهو منصوب على التمييز ( خير له من أن يمتلئ ) أي جوفه ( شعرا ) ظاهره العموم في كل شعر ، لكنه مخصوص بما لم يكن مدحا حقا كمدح الله ورسوله وما اشتمل على الذكر والزهد وسائر المواعظ مما لا إفراط فيه . ويؤيده حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=755065ردفت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوما فقال : هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء ؟ قلت نعم ، قال " هيه " ، فأنشدته بيتا فقال " هيه " ثم أنشدته بيتا فقال " هيه " حتى أنشدته مائة بيت . رواه مسلم . قال ابن بطال : ذكر بعضهم أن معنى قوله : ( خير له من أن يمتلئ شعرا ) يعني الشعر الذي هجي به النبي ، صلى الله عليه وسلم . وقال أبو عبيد والذي عندي في هذا الحديث غير هذا القول ; لأن الذي هجي به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لو كان شطر بيت لكان كفرا ، فكأنه إذا حمل وجه الحديث على امتلاء القلب منه أنه قد رخص في القليل منه ، ولكن وجهه عندي أن يمتلئ قلبه من الشعر حتى يغلب عليه فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله فيكون الغالب عليه ، فأما إذا كان القرآن والعلم الغالبين عليه فليس جوفه ممتلئا من الشعر . قال الحافظ : وأخرج أبو عبيد التأويل المذكور من رواية مجالد عن الشعبي مرسلا ، فذكر الحديث وقال في آخره : يعني من الشعر الذي هجي به النبي ، صلى الله عليه وسلم . وقد وقع لنا ذلك موصولا من وجهين آخرين ، فذكرهما الحافظ وضعفهما .
قلت : والظاهر أن المراد من الامتلاء أن يكون الشعر مستوليا عليه بحيث يشغله عن القرآن والذكر والعلوم الشرعية وهو مذموم من أي شعر كان . وقد ترجم nindex.php?page=showalam&ids=12070الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه على هذا الحديث من رواية ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن .
[ ص: 117 ] قوله ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .
قوله : ( حدثنا عيسى بن عثمان بن عيسى بن عبد الرحمن الرملي ) النهشلي الكوفي صدوق من الحادية عشرة ( أخبرنا عمي nindex.php?page=showalam&ids=17329يحيى بن عيسى ) التميمي النهشلي الفاخوري بالفاء والحاء المعجمة الكوفي نزيل الرملة صدوق يخطي ورمي بالتشيع من التاسعة .
قوله : ( يريه ) بفتح ياء وكسر راء وسكون ياء أخرى صفة قيح ، أي يفسده من الوري وهو داء يفسد الجوف ومعناه قيحا يأكل جوفه ويفسده ، وقيل أي يصل إلى الرئة ويفسدها . ورد بأن المشهور في الرئة الهمز ( أن يمتلئ ) أي جوفه ، قال ابن أبي حمزة : قوله ( جوف أحدكم ) ، يحتمل أن يكون المراد جوفه كله وما فيه من القلب وغيره ، ويحتمل أن يريد به القلب خاصة وهو الأظهر ; لأن أهل الطب يزعمون أن القيح إذا وصل إلى القلب شيء منه ، وإن كان يسيرا ، فإن صاحبه يموت لا محالة بخلاف غير القلب مما في الجوف من الكبد والرئة . قال الحافظ : ويقوي الاحتمال الأول رواية عوف بن مالك : nindex.php?page=hadith&LINKID=3509001لأن يمتلئ جوف أحدكم من عانته إلى لهاته وتظهر مناسبته للثاني لأن مقابله وهو الشعر محله القلب ; لأنه ينشأ عن الفكر . وأشار ابن أبي جمرة إلى عدم الفرق في امتلاء الجوف من الشعر بين من ينشئه أو يتعانى حفظه من شعر غيره كما هو ظاهر .
قوله : ( وفي الباب عن سعد nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ) أما حديث سعد فالظاهر أنه أراد حديثا آخر له غير حديثه المذكور ، ولينظر من أخرجه ، وأما حديث أبي سعيد فأخرجه مسلم ، وأما حديث ابن عمر فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .