قوله : ( عن أبي المختار الطائي ) قيل اسمه سعد مجهول من السادسة ( عن ابن أخي حارث الأعور ) مجهول من السادسة قال في تهذيب التهذيب : ابن أخي nindex.php?page=showalam&ids=14057الحارث الأعور روى عن الحارث عن علي ، وروى عنه أبو المختار الطائي لم يسم لا هو ولا أبوه .
قوله : ( مررت في المسجد ) ، قال الطيبي : " في المسجد " ظرف والممرور به محذوف يدل عليه [ ص: 176 ] قوله : ( فإذا الناس يخوضون في الأحاديث ) أي أحاديث الناس وأباطيلهم من الأخبار والحكايات والقصص ويتركون تلاوة القرآن وما يقتضيه من الأذكار والآثار ، والخوض أصله الشروع في الماء والمرور فيه ويستعار للشروع في الأمور وأكثر ما ورد في القرآن ، ورد فيما يذم الشروع فيه نحو قوله تعالى : فذرهم في خوضهم يلعبون .
( أوقد فعلوها ؟ ) ، قال الطيبي : أي ارتكبوا هذه الشنيعة وخاضوا في الأباطيل ، فإن الهمزة والواو العاطفة يستدعيان فعلا منكرا معطوفا عليه ، أي فعلوا هذه الفعلة الشنيعة وقال القاري : أي أتركوا القرآن وقد فعلوها ، أي وخاضوا في الأحاديث ( أما ) للتنبيه ( ألا ) للتنبيه أيضا ( إنها ) الضمير للقصة ( ستكون فتنة ) أي عظيمة . قال ابن الملك : يريد بالفتنة ما وقع بين الصحابة أو خروج التتار أو الدجال أو دابة الأرض . انتهى . قال القاري : وغير الأول لا يناسب المقام كما لا يخفى ( فقلت ما المخرج منها ) بفتح الميم ، اسم ظرف أو مصدر ميمي ، أي ما طريق الخروج والخلاص من الفتنة يا رسول الله . قال الطيبي : أي موضع الخروج أو السبب الذي يتوصل به إلى الخروج عن الفتنة ( قال كتاب الله ) أي طريق الخروج منها تمسك كتاب الله على تقدير مضاف ( فيه نبأ ما قبلكم ) أي من أحوال الأمم الماضية ( وخبر ما بعدكم ) وهي الأمور الآتية من أشراط الساعة وأحوال القيامة وفي العبارة تفنن ( وحكم ما بينكم ) بضم الحاء وسكون الكاف ، أي حاكم ما وقع أو يقع بينكم من الكفر والإيمان والطاعة والعصيان . والحلال والحرام وسائر شرائع الإسلام ( وهو الفصل ) أي الفاصل بين الحق والباطل أو المفصول والمميز فيه الخطأ والصواب ، وما يترتب عليه الثواب والعذاب ، وصف بالمصدر مبالغة ( ليس بالهزل ) أي جد كله ، وحق جميعه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . والهزل في الأصل القول المعرى عن المعنى المرضي ، واشتقاقه من الهزال ضد السمن ، والحديث مقتبس من قوله تعالى : إنه لقول فصل وما هو بالهزل ( من تركه ) أي القرآن إيمانا وعملا ( من جبار ) بين التارك بـ " من جبار " ليدل على أن الحامل له على الترك إنما هو التجبر والحماقة .
قال الطيبي : من ترك العمل بآية أو بكلمة من القرآن مما يجب العمل به أو ترك قراءتها من التكبر كفر ، ومن ترك عجزا أو كسلا أو ضعفا مع اعتقاد تعظيمه فلا إثم عليه ، أي بترك القراءة ولكنه محروم ، كذا في المرقاة ( قصمه ) أي أهلكه أو كسر عنقه ، وأصل القصم الكسر والإبانة [ ص: 177 ] ( ومن ابتغى الهدى ) أي طلب الهداية من الضلالة ( في غيره ) ، من الكتب والعلوم التي غير مأخوذة منه ولا موافقة معه ( أضله الله ) أي عن طريق الهدى وأوقعه في سبيل الردى ( وهو ) أي القرآن ( حبل الله المتين ) أي الحكم القوي ، والحبل مستعار للوصل ولكل ما يتوصل به إلى شيء ، أي الوسيلة القوية إلى معرفة ربه وسعادة قربه ( وهو الذكر ) أي ما يذكر به الحق تعالى ، أو ما يتذكر به الخلق ، أي يتعظ ، ( الحكيم ) أي ذو الحكمة ( هو الذي لا تزيغ ) بالتأنيث والتذكير أي لا تميل عن الحق ( به ) أي باتباعه ( الأهواء ) أي الهوى إذا وافق هذا الهدى حفظ من الردى ، وقيل : معناه لا يصير به مبتدعا وضالا ، يعني لا يميل بسببه أهل الأهواء والآراء . وقال الطيبي : أي لا يقدر أهل الأهواء على تبديله وتغييره وإمالته ، وذلك إشارة إلى وقوع تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، فالباء للتعدية ، وقيل الرواية من الإزاغة بمعنى الإمالة والباء لتأكيد التعدية ، أي لا تميله الأهواء المضلة عن نهج الاستقامة إلى الاعوجاج وعدم الإقامة ، كفعل اليهود بالتوراة حين حرفوا الكلم عن مواضعه لأنه تعالى تكفل بحفظه ، قال تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ( ولا تلتبس به الألسنة ) أي لا تتعسر عليه ألسنة المؤمنين ولو كانوا من غير العرب قال تعالى : فإنما يسرناه بلسانك ، ولقد يسرنا القرآن للذكر وقيل لا يختلط بغيره بحيث يشتبه الأمر ، ويلتبس الحق بالباطل فإن الله تعالى يحفظه ، أو يشتبه كلام الرب بكلام غيره لكونه كلاما معصوما دالا على الإعجاز ( ولا يشبع منه العلماء ) أي لا يصلون إلى الإحاطة بكنهه حتى يقفوا عن طلبه وقوف من يشبع من مطعوم بل كلما اطلعوا على شيء من حقائقه اشتاقوا إلى آخر أكثر من الأول ، وهكذا فلا شبع ولا سآمة ( ولا يخلق ) بفتح الياء وضم اللام ، وبضم الياء وكسر اللام من خلق الثوب إذا بلي ، وكذلك أخلق ( عن كثرة الرد ) ، أي لا تزول لذة قراءته وطراوة تلاوته ، واستماع أذكاره وأخباره من كثرة تكراره .
قال القاري : و " عن " على بابها ، أي لا يصدر الخلق من كثرة تكراره كما هو شأن كلام غيره تعالى ، وهذا أولى مما قاله ابن حجر ، من أن " عن " بمعنى مع . انتهى . قلت : قد وقع في بعض نسخ الترمذي على مكان عن ، وهو يؤيد ما قاله ابن حجر ( ولا تنقضي عجائبه ) أي لا تنتهي غرائبه التي يتعجب منها ، قيل كالعطف التفسيري للقرينتين السابقتين ذكره الطيبي ( هو الذي لم تنته الجن ) [ ص: 178 ] أي لم يقفوا ولم يلبثوا ( إذ سمعته ) أي القرآن ( حتى قالوا ) أي لم يتوقفوا ولم يمكثوا وقت سماعهم له عنه بل أقبلوا عليه لما بهرهم من شأنه ، فبادروا إلى الإيمان على سبيل البداهة لحصول العلم الضروري ، وبالغوا في مدحه حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا أي شأنه من حيثية جزالة المبنى ، وغزارة المعنى يهدي إلى الرشد أي يدل على سبيل الصواب أو يهدي الله به الناس إلى طريق الحق فآمنا به أي بأنه من عند الله ويلزم منه الإيمان برسول الله ( من قال به ) من أخبر به ( صدق ) أي في خبره ، أو من قال قولا ملتبسا به ، بأن يكون على قواعده ، ووفق قوانينه وضوابطه صدق ( ومن عمل به ) أي بما دل عليه ( أجر ) أي أثيب في عمله أجرا عظيما وثوابا جسيما ; لأنه لا يحث إلا على مكارم الأخلاق والأعمال ومحاسن الآداب ( ومن حكم به ) أي بين الناس ( عدل ) أي في حكمه لأنه لا يكون إلا بالحق ( ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ) قال في اللمعات : روي مجهولا أي من دعا الناس إلى القرآن وفق للهداية ، وروي معروفا كأن المعنى من دعا الناس إليه هداهم . انتهى ( خذها ) أي هذه الكلمات الطيبات واحفظها ( يا nindex.php?page=showalam&ids=14057أعور ) هو الحارث الأعور .
قوله : ( هذا حديث غريب ) وأخرجه الدارمي ( وإسناده مجهول ) لجهالة أبي المختار الطائي وابن أخي nindex.php?page=showalam&ids=14057الحارث الأعور ( وفي حديث الحارث مقال ) قال الحافظ في ترجمته كذبه الشعبي في رأيه ورمي بالرفض ، وفي حديثه ضعف .