[ ص: 451 ] قوله : ( في قوله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال الحافظ ابن جرير في تفسيره : اختلف أهل التأويل في ذلك : فقال بعضهم هو رؤيا عين ، وهي ما رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما أسري به من مكة إلى بيت المقدس ثم ذكر من قال ذلك ثم قال : وقال آخرون : هي رؤياه التي رأى أنه يدخل مكة فروى بإسناده عن ابن عباس قوله . وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال يقال : إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أري أنه دخل مكة هو وأصحابه وهو يومئذ بالمدينة فعجل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ السير إلى مكة قبل الأجل فرده المشركون ، فقالت أناس : قد رد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد كان حدثنا أنه سيدخلها ، فكانت رجعته فتنتهم ثم قال : وقال آخرون ممن قال هي رؤيا منام : إنما كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى في منامه قوما يعلون منبره ، فذكر من قال ذلك ، قال وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال عنى بالرؤيا ما رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس وببيت المقدس ليلة أسري به ، وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن هذه الآية إنما نزلت في ذلك ، وإياه عنى الله عز وجل بها . فإذا كان ذلك كذلك فتأويل الكلام وما جعلنا رؤياك التي أريناك ليلة أسرينا بك من مكة إلى بيت المقدس ، إلا فتنة للناس ، يقول : إلا بلاء للناس الذين ارتدوا عن الإسلام لما أخبروا بالرؤيا التي رآها عليه الصلاة والسلام ، وللمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تماديا في غيهم وكفرا إلى كفرهم . انتهى ( قال هي رؤيا عين أريها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليلة أسري به ) أريها بضم الهمزة وكسر الراء من الإراءة ولم يصرح بالمرئي ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور من طريق أبي مالك قال : هو ما أري في طريقه إلى بيت المقدس ، وزاد عن سفيان في آخر الحديث : وليست رؤيا منام ، واستدل به على إطلاق لفظ الرؤيا على ما يرى بالعين في اليقظة وقد أنكره nindex.php?page=showalam&ids=14095الحريري تبعا لغيره وقالوا : إنما يقال رؤيا في المنام ، وأما التي في اليقظة فيقال رؤية ، وممن استعمل الرؤيا في اليقظة المتنبي في قوله :
ورؤياك أحلى في العيون من الغمض
وهذا التفسير يرد على من خطأه . كذا في الفتح والشجرة الملعونة بالنصب عطف على الرؤيا تقديره : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس ( قال هي شجرة الزقوم ) هذا هو الصحيح . وذكره ابن أبي حاتم عن بضعة عشر نفسا من التابعين . وأما [ ص: 452 ] الزقوم ، فقال أبو حنيفة الدينوري في كتاب النبات : الزقوم شجرة غبراء تنبت في السهل صغيرة الورق مدورته لا شوك لها ، زفرة مرة ولها نور أبيض ضعيف تجرسه النحل ورءوسها قباح جدا وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال قال : المشركون يخبرنا محمد أن في النار شجرة والنار تأكل الشجرة فكان ذلك فتنة لهم .
فإن قلت : أين لعنت شجرة الزقوم في القرآن .
قلت : لعنت حيث لعن الكفار الذين يأكلونها ، لأن الشجرة لا ذنب لها حتى تلعن ، وإنما وصفت بلعن أصحابها على المجاز . وقيل وصفها الله تعالى باللعن لأن اللعن الإبعاد من الرحمة وهي في أصل جهنم في أبعد مكان من الرحمة .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .