قال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري في تفسير هذه الآية : إن كفار أهل مكة لما ائتمروا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليقتلوه أو يطردوه أو يوثقوه ، فأراد قتال أهل مكة ، أمره أن يخرج إلى المدينة ، فهو الذي قال الله عز وجل : وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق الآية .
وقال قتادة : وقل رب أدخلني مدخل صدق : يعني المدينة ، وأخرجني مخرج صدق : يعني مكة ، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم . وهذا القول هو أشهر الأقوال .
وقال العوفي : عن ابن عباس : أدخلني مدخل صدق : يعني الموت وأخرجني مخرج صدق يعني الحياة بعد الموت ، وقيل غير ذلك من الأقوال ، والأول أصح وهو اختيار ابن جرير ، كذا في تفسير ابن كثير .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد .
قوله : ( نسأل عنه هذا الرجل ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( فقال سلوه ) كذا في النسخ الحاضرة عندنا [ ص: 457 ] بلفظ الواحد ونقل الحافظ هذا الحديث في الفتح عن الترمذي ، وفيه : " فقالوا " بلفظ الجمع وهو الظاهر .
قال الحافظ : ويمكن الجمع بأن يتعدد النزول بحمل سكوته في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك وإن ساغ هذا ، وإلا فما في الصحيح أصح ، قال والأكثر على أنهم سألوه عن حقيقة الروح الذي في الحيوان ، وقيل عن جبريل ، وقيل عن عيسى ، وقيل عن القرآن ، وقيل عن خلق عظيم روحاني ، وقيل غير ذلك . وجنح ابن القيم في كتاب الروح إلى ترجيح أن المراد بالروح المسئول عنها في الآية ما وقع في قوله تعالى : يوم يقوم الروح والملائكة صفا قال وأما أرواح بني آدم فلم يقع تسميتها في القرآن إلا نفسا ، كذا قال ، ولا دلالة في ذلك لما رجحه بل الراجح الأول ، يعني روح الإنسان . فقد أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في هذه القصة أنهم قالوا عن الروح : وكيف يعذب الروح الذي في الجسد وإنما الروح من الله؟ فنزلت الآية ، هذا تلخيص كلام الحافظ قل الروح من أمر ربي .
قال الخازن : تكلم قوم في ماهية الروح ، فقال بعضهم : هو الدم ، ألا ترى أن الإنسان إذا مات لا يفوت منه شيء إلا الدم ، وقال قوم : هو نفس الحيوان ، بدليل أنه يموت باحتباس النفس ، وقال قوم : هو عرض ، وقال قوم : هو جسم لطيف يحيا به الإنسان ، وقيل : الروح معنى اجتمع فيه النور والطب والعلم والعلو والبقاء ، ألا ترى أنه إذا كان موجودا يكون الإنسان موصوفا بجميع هذه الصفات ، وإذا خرج منه ذهب الكل .
وأقاويل الحكماء والصوفية في ماهية الروح كثيرة ، وأولى الأقاويل أن يوكل علمه إلى الله عز وجل وهو قول أهل السنة .
[ ص: 458 ] قال عبد الله بن بريدة : إن الله لم يطلع على الروح ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا بدليل قوله : قل الروح من أمر ربي أي من علم ربي الذي استأثر به ( قالوا ) أي اليهود ( أوتينا علما كبيرا ) وفي بعض النسخ : كثيرا مكان كبيرا . قل لو كان البحر أي ماؤه مدادا هو ما يكتب به لكلمات ربي الدالة على حكمه وعجائبه بأن تكتب به لنفد البحر في كتابتها ، وبقية الآية : قبل أن تنفد بالتاء والياء ( تفرغ كلمات ربي ولو جئنا بمثله ) أي البحر ( مددا ) أي زيادة ، ولم تفرغ هي ونصبه على التمييز .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد .
قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث : رجاله رجال مسلم وهو عند ابن إسحاق من وجه آخر عن ابن عباس نحوه .