( ومن سورة القدر ) قيل هي مكية وقيل مدنية وهي خمس آيات .
قوله : ( عن يوسف بن سعد ) الجمحي مولاهم البصري ويقال هو يوسف بن مازن ، ثقة من [ ص: 197 ] الثالثة ( قال قام رجل ) وفي رواية ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن : قال قلت nindex.php?page=showalam&ids=35للحسن بن علي رضي الله عنه إلخ ( إلى الحسن بن علي ) بن أبي طالب ( بعدما بايع ) أي الحسن بن علي ( nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ) أي ابن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموي أبا عبد الرحمن الخليفة صحابي أسلم قبل الفتح وكتب الوحي ومات في رجب سنة ستين وقد قارب الثمانين ( أو يا مسود وجوه المؤمنين ) كلمة " أو " للشك ( لا تؤنبني ) بصيغة النهي من التأنيب وهو المبالغة في التوبيخ والتعنيف ( أري ) بصيغة المجهول من الإراءة أي في المنام ( بني أمية على منبره ) وفي رواية ابن جرير : أري في منامه بني أمية يعلون منبره خليفة خليفة إنا أنزلناه أي القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر أي الشرف والعظم وما أدراك أي أعلمك يا محمد ما ليلة القدر تعظيم لشأنها وتعجيب منه ليلة القدر خير من ألف شهر أي ليس فيها ليلة القدر ، فالعمل الصالح فيها خير منه في ألف شهر ليست فيها ( يملكها ) الضمير المنصوب راجع إلى ألف شهر ، والمعنى أن ليلة القدر خير من مدة ألف شهر يملك فيها بنو أمية الولاية والخلافة ( قال القاسم ) أي ابن الفضل الحداني المذكور في الإسناد ( فعددناها ) أي مدة خلافة بني أمية وفي رواية ابن جرير فحسبنا ملك بني أمية ( فإذا هي ألف شهر ) هي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر وكان استقلال إمارة بني أمية منذ بيعة الحسن بن علي لمعاوية وذلك على رأس أربعين سنة من الهجرة وكان انفصال دولتهم على يد nindex.php?page=showalam&ids=12149أبي مسلم الخراساني سنة اثنتين وثلاثين ومائة وذلك اثنتان وتسعون سنة يسقط منها مدة خلافة ابن الزبير ثمان سنين وثمانية أشهر يبقى ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر كذا في المجمع . قوله : ( هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل وقد قيل عن القاسم بن الفضل عن يوسف بن مازن إلخ ) قال الحافظ ابن [ ص: 198 ] كثير بعد نقل كلام الترمذي هذا : وقد روى هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مستدركه من طريق القاسم بن الفضل عن يوسف بن مازن به ، وقول الترمذي إن يوسف هذا مجهول فيه نظر فإنه قد روى عنه جماعة منهم حماد بن سلمة nindex.php?page=showalam&ids=15804وخالد الحذاء nindex.php?page=showalam&ids=17419ويونس بن عبيد ، وقال فيه nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين هو مشهور ، وفي رواية عن ابن معين قال هو ثقة ، ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن يوسف بن مازن كذا قال وهذا يقتضي اضطرابا في هذا الحديث والله أعلم . ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جدا . قال شيخنا الإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي هو حديث منكر . قال وقول nindex.php?page=showalam&ids=14941القاسم بن الفضل الحداني أنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص ليس بصحيح فإن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين واجتمعت البيعة لمعاوية وسمي ذلك عام الجماعة ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها لم يخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريبا من تسع سنين لكن لم تزل يدهم عن الإمرة بالكلية بل عن بعض البلاد إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة وذلك أزيد من ألف شهر فإن الألف شهر عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر ، وكأن القاسم بن الفضل أسقط من مدتهم أيام ابن الزبير وعلى هذا فتقارب ما قاله للصحة في الحساب .
ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه سيق لذم دولة بني أمية ولو أريد ذلك لم يكن بهذا السياق ، فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم لا يدل على ذم أيامهم ، فإن ليلة القدر شريفة جدا والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القدر فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي هي مذمومة بمقتضى هذا الحديث ، وهل هذا إلا كما قال القائل :
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
وقال آخر :
إذا أنت فضلت امرأ ذا براعة على ناقص كان المديح من النقص
ثم الذي يفهم من الآية أن الألف شهر المذكورة في الآية هي أيام بني أمية والسورة مكية فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أمية ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها ، والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة فهذا كله مما يدل على ضعف الحديث ونكارته انتهى كلام الحافظ ابن كثير .
قلت : وفي قوله : ( ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن يوسف بن مازن كذا [ ص: 199 ] قال ) نظر فإن ابن جرير لم يروه هكذا بل رواه من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن كما في النسخة المصرية وعليه يصح قول الحافظ ابن كثير ، وهذا يقتضي اضطرابا في هذا الحديث فتفكر .