( ومن سورتي المعوذتين ) بكسر الواو المشددة أي سورة ( الفلق ) وسورة ( الناس ) وهما مدنيتان وقيل مكيتان والأولى خمس آيات والثانية ست آيات .
قوله : ( عن الحارث بن عبد الرحمن ) القرشي العامري خال ابن أبي ذئب ، صدوق من الخامسة . قوله : ( استعيذي بالله من شر هذا ) أي هذا القمر ( فإن هذا هو الغاسق إذا وقب ) قال في القاموس : الغسق محركة ظلمة أول الليل وغسق الليل غسقا اشتدت ظلمته ، والغاسق القمر أو الليل إذا غاب الشفق ، وقال فيه : وقب الظلام دخل والشمس وقبا ووقوبا غابت والقمر دخل في الخسوف ومنه غاسق إذا وقب انتهى .
قال الطيبي : إنما استعاذ من كسوفه لأنه من آيات الله الدالة على حدوث بلية ونزول نازلة كما قال عليه الصلاة والسلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=720033ولكن يخوف الله به عباده " . ولأن اسم الإشارة في الحديث كوضع اليد في التعيين ، وتوسيط ضمير الفصل بينه وبين الخبر المعرف يدل على أن المشار إليه هو القمر لا غير انتهى . وقال الخازن في تفسيره بعد ذكر حديث عائشة هذا ما لفظه : فعلى هذا الحديث المراد به القمر إذا خسف واسود ومعنى وقب دخل في الخسوف أو أخذ في الغيبوبة ، وقيل سمي به لأنه إذا خسف اسود وذهب ضوءه ، وقيل إذا وقب دخل في المحاق وهو آخر الشهر وفي ذلك الوقت يتم السحر المورث للتمريض وهذا مناسب لسبب نزول هذه السورة ، وقال ابن عباس : الغاسق الليل إذا وقب أي أقبل بظلمته من المشرق ، وقيل سمي الليل غاسقا لأنه أبرد من النهار والغسق البرد وإنما أمر بالتعوذ من الليل لأن فيها تنتشر الآفات ويقل الغوث وفيه يتم السحر ، وقيل الغاسق الثريا إذا سقطت وغابت ، وقيل إن الأسقام تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها فلهذا أمر بالتعوذ من الثريا عند سقوطها انتهى .
وقال ابن جرير في تفسيره : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال إن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شر غاسق وهو الذي يظلم يقال قد غسق الليل يغسق غسوقا إذا أظلم إذا وقب يعني إذا دخل في [ ص: 214 ] ظلامه ، والليل إذا دخل في ظلامه غاسق والنجم إذا أفل غاسق . والقمر غاسق إذا وقب ولم يخصص بعد ذلك بل عم الأمر بذلك فكل غاسق فإنه صلى الله عليه وسلم كان يؤمر بالاستعاذة من شره إذا وقب انتهى .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير .