( مناقب مصعب ) بضم الميم وسكون الصاد وفتح العين المهملتين ( بن عمير ) بالتصغير القرشي العدوي كان من أجلة الصحابة وفضلائهم ، هاجر إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها ، ثم شهد بدرا ، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثه بعد العقبة الثانية إلى المدينة يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين ، وهو أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة ، وكان في الجاهلية من أنعم الناس عيشا وألينهم لباسا ، فلما أسلم زهد في الدنيا ، فتخشف جلده تخشف الحية ، وقيل : إنه بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة بعد أن بايع العقبة الأولى ، فكان يأتي الأنصار في دورهم ويدعوهم إلى الإسلام فيسلم الرجل والرجلان ، حتى فشا الإسلام فيهم ، فكتب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأذنه أن يجمع بهم فأذن له ، ثم قدم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مع السبعين الذين قدموا عليه في العقبة الثانية ، فأقام بمكة قليلا ثم عاد إلى المدينة قبل أن يهاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهو أول من قدمها ، وقتل يوم أحد شهيدا وله أربعون سنة ، أو أكثر ، وفيه نزل : رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وكان إسلامه بعد دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم .
قوله : ( أخبرنا أبو أحمد ) اسمه nindex.php?page=showalam&ids=11798محمد بن عبد الله الزبيري ( عن أبي وائل ) هو شقيق بن [ ص: 239 ] سلمة ، قوله : ( هاجرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم ) أي : بأمره وإذنه ، أو المراد بالمعية الاشتراك في حكم الهجرة إذ لم يكن معه حسا إلا الصديق وعامر بن فهيرة ( نبتغي وجه الله ) أي : جهة ما عنده من الثواب لا جهة الدنيا ( فوقع أجرنا على الله ) أي : إنابتنا وجزاؤنا ، وفي رواية : فوجب أجرنا على الله ، وإطلاق الوجوب على الله بمعنى إيجابه على نفسه بوعده الصادق وإلا فلا يجب على الله شيء ( لم يأكل من أجره شيئا ) كناية عن الغنائم التي تناولها من أدرك زمن الفتوح ، وكأن المراد بالأجر ثمرته فليس مقصورا على أجر الآخرة ، قال الحافظ في الفتح : هذا مشكل على ما تقدم من تفسير ابتغاء وجه الله ، ويجمع بأن إطلاق الأجر على المال في الدنيا بطريق المجاز بالنسبة لثواب الآخرة ، وذلك أن القصد الأول هو ما تقدم ، لكن منهم من مات قبل الفتوح nindex.php?page=showalam&ids=104كمصعب بن عمير ، ومنهم من عاش إلى أن فتح عليهم ثم انقسموا ، فمنهم من أعرض عنه وواسى به المحاويج أولا فأولا ، بحيث بقي على تلك الحالة الأولى ، وهم قليل . منهم أبو ذر وهؤلاء ملتحقون بالقسم الأول ، ومنهم من تبسط في بعض المباح فيما يتعلق بكثرة النساء والسراري أو الخدم ، والملابس ونحو ذلك ولم يستكثر ، وهم كثير ومنهم ابن عمر ، ومنهم من زاد فاستكثر بالتجارة وغيرها مع القيام بالحقوق الواجبة ، والمندوبة وهم كثير أيضا ، منهمعبد الرحمن بن عوف ، وإلى هذين القسمين أشار خباب ، فالقسم الأول ، والملتحق به توفر له أجره في الآخرة ، والقسم الثاني مقتضى الخبر أنه يحسب عليهم ما وصل إليهم من مال الدنيا من ثوابهم في الآخرة ، ويؤيده ما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر ورفعه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=800860ما من غازية تغزو فتغنم وتسلم إلا تعجلوا ثلثي أجرهم " الحديث ، ومن ثم آثر كثير من السلف قلة المال وقنعوا به ، إما ليتوفر لهم ثوابهم في الآخرة ، وإما ليكون أقل لحسابهم عليه . انتهى . ( ومنا من أينعت ) بفتح الهمزة وسكون التحتانية وفتح النون ، والمهملة أي : أدركت ونضجت ، يقال : أينع الثمر يونع وينع يينع فهو مونع ويانع : إذا أدرك ونضج ( فهو يهدبها ) بكسر الدال وضمها ، أي : يقطعها ويجتنيها من هدب الثمرة إذا اجتناها ، وحكى ابن التين تثليث الدال ( وإن nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير مات ) وعند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الرقاق : منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد ، وكذا عند مسلم في الجنائز ( الإذخر ) بكسر الهمزة ، والخاء وهو حشيش معروف طيب الرائحة . [ ص: 240 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
قوله : ( أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16410ابن إدريس ) اسمه عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي .