( من فضل عائشة -رضي الله عنها - ) هي الصديقة بنت الصديق ، وأمها أم رومان ، وكان مولدها في الإسلام قبل الهجرة بثمان سنين ، أو نحوهما ، ومات النبي -صلى الله عليه وسلم- ولها نحو ثمانية عشر عاما ، وقد حفظت عنه شيئا كثيرا وعاشت بعده قريبا من خمسين سنة ، فأكثر الناس الأخذ عنها ونقلوا عنها من الأحكام ، والآداب شيئا كثيرا حتى قيل : إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها -رضي الله عنها- وكان موتها في خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين ، وقيل : في التي بعدها : ولم تلد للنبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا على الصواب ، وسألته أن تكتنى ، فقال : اكتني بابن أختك فاكتنت أم عبد الله ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه من حديث عائشة أنه كناها بذلك لما أحضر إليه ابن الزبير ليحنكه ، فقال : هو عبد الله وأنت أم عبد الله ، قالت : فلم أزل أكنى به .
قوله : ( كان الناس يتحرون ) من التحري وهو القصد والاجتهاد في الطلب ، والعزم على تخصيص الشيء بالفعل ، والقول ( يوم عائشة ) أي : يوم نوبتها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- زاد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم : يبتغون بذلك مرضاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( قالت ) أي : عائشة ( فاجتمع صواحباتي ) أرادت بهن بقية أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- اللاتي كن في حزب أم سلمة . ففي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كن حزبين : فحزب فيه عائشة nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة nindex.php?page=showalam&ids=199وصفية nindex.php?page=showalam&ids=93وسودة ، والحزب الآخر : أم سلمة وسائر نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة ، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخرها حتى إذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت عائشة بعث صاحب الهدية بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت عائشة ، فكلم حزب أم سلمة فقلن لها : كلمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلم الناس إلخ ( يأمر الناس ) بالجزم والراء مكسورة لالتقاء الساكنين ويجوز الرفع ، [ ص: 256 ] يهدون إليه أين ما كان ، أي : من حجرات الأمهات ، ومرادهن أنه لا يقع التحري في ذلك لا لهن ولا لغيرهن بل بحسب ما يتفق الأمر فيهن ليرتفع التمييز الباعث للغيرة عنهن ( فذكرت ذلك أم سلمة ) أي : لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( ثم عاد إليها ) أي : عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أم سلمة في يوم نوبتها " nindex.php?page=hadith&LINKID=755782لا تؤذيني في عائشة " أي : في حقها ، وهو أبلغ من لا تؤذي عائشة لما تفيد من أن ما آذاها فهو يؤذيه " ما أنزل " بصيغة المجهول " علي " بتشديد الياء " وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها " بالجر صفة لامرأة . فإن قلت : ما وجه التوفيق بين هذا الحديث وبين ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : فأنزل الله توبتنا على نبيه -صلى الله عليه وسلم- حين بقي الثلث الآخر من الليل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند أم سلمة . قلت : قال القاضي جلال الدين : لعل ما في حديث عائشة كان قبل القصة التي نزل الوحي فيها في فراش أم سلمة . انتهى ، قال السيوطي في الإتقان : ظفرت بما يؤخذ منه جواب أحسن من هذا فروى أبو يعلى في مسنده عن عائشة قالت : أعطيت تسعا . الحديث وفيه : وإن كان الوحي لينزل عليه وهو عند أهله فينصرفون عنه ، وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحافه ، وعلى هذا لا معارضة بين الحديثين . انتهى ، وفي الحديث منقبة ظاهرة nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة ، وأنه لا حرج على المرء في إيثار بعض نسائه بالتحف ، وإنما اللازم العدل في المبيت والنفقة ونحو ذلك من الأمور اللازمة ، كذا قرره ابن بطال عن المهلب ، وتعقبه ابن المنير بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك وإنما فعله الذين أهدوا له ، وهم باختيارهم في ذلك ، وإنما لم يمنعهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ لأنه ليس من كمال الأخلاق أن يتعرض الرجل إلى الناس بمثل ذلك لما فيه من التعرض لطلب الهدية . قوله : ( وقد روى بعضهم هذا الحديث عن حماد بن زيد إلخ ) رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في فضل عائشة من طريق عبد الله بن عبد الوهاب عن حماد بن زيد عن هشام عن أبيه قال : كان الناس يتحرون إلخ . [ ص: 257 ] قوله : ( هذا حديث غريب ) وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ( وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن عوف بن الحارث ) بن الطفيل بن سخبرة بفتح المهملة وسكون المعجمة بعدها موحدة مفتوحة الأزدي ، مقبول من الثالثة ( عن رميثة ) بضم الراء وفتح الميم مصغرا بنت الحارث بن الطفيل بن سخبرة الأزدية أخت عوف رضيع عائشة ، مقبولة ( عن أم سلمة شيئا من هذا ) أخرجه أحمد ( وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة إلخ ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من طريق إسماعيل عن أخيه عن سليمان .