صفحة جزء
باب ما جاء في إسباغ الوضوء

51 حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسمعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط وحدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء نحوه وقال قتيبة في حديثه فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط ثلاثا قال أبو عيسى وفي الباب عن علي وعبد الله بن عمرو وابن عباس وعبيدة ويقال عبيدة بن عمرو وعائشة وعبد الرحمن بن عائش الحضرمي وأنس قال أبو عيسى وحديث أبي هريرة في هذا الباب حديث حسن صحيح والعلاء بن عبد الرحمن هو ابن يعقوب الجهني الحرقي وهو ثقة عند أهل الحديث
( باب في إسباغ الوضوء )

قوله : ( في إسباغ الوضوء ) أي إتمامه وإكماله ، والإسباغ في اللغة الإتمام ومنه درع سابغ .

قوله : ( نا إسماعيل بن جعفر ) ابن أبي كثير الأنصاري الزرقي أبو إسحاق القاري ثقة ثبت ( عن العلاء بن عبد الرحمن ) ابن يعقوب الحرقي أبي شبل ، صدوق ربما وهم ( عن أبيه ) ثقة .

قوله : ( ألا أدلكم ) الهمزة للاستفهام و " لا " نافية . وليس ألا للتنبيه بدليل قولهم بلى ( يمحو الله به الخطايا ) قال القاضي عياض : محو الخطايا كناية عن غفرانها ، قال : ويحتمل محوها من كتاب الحفظة ويكون دليلا على غفرانها قاله النووي ( ويرفع به الدرجات ) أي يعلي به المنازل في الجنة ( قالوا بلى يا رسول الله ) فائدة السؤال والجواب : أن يكون الكلام أوقع في النفس بحكم الإبهام والتبيين .

( قال إسباغ الوضوء ) أي إتمامه وإكماله باستيعاب المحل بالغسل وتطويل الغرة وتكرار الغسل ثلاثا ( على المكاره ) جمع مكره بفتح الميم ما يكرهه شخص ويشق عليه ، والكره بالضم والفتح المشقة أي يتوضأ مع برد شديد وعلل يتأذى معها بمس الماء ومع إعوازه والحاجة إلى طلبه والسعي في تحصيله وابتياعه بالثمن الغالي ونحوها مما يشق ، كذا في المجمع ( وكثرة الخطى إلى المساجد ) الخطى بضم الخاء المعجمة جمع خطوة وهي ما بين القدمين ، قال النووي كثرة الخطى [ ص: 142 ] تكون ببعد الدار وكثرة التكرار ( وانتظار الصلاة ) أي وقتها أو جماعتها ( بعد الصلاة ) يعني إذا صلى بالجماعة أو منفردا ثم ينتظر صلاة أخرى ويعلق فكره بها بأن يجلس في المجلس أو في بيته ينتظرها أو يكون في شغله وقلبه معلق بها ( فذلكم الرباط ) بكسر الراء وأصل الرباط أن يربط الفريقان خيولهم في ثغر كل منهما معدا لصاحبه ، يعني أن المواظبة على الطهارة ونحوها كالجهاد ، وقيل معناه أن هذه الخلال تربط صاحبها عن المعاصي وتكفه عن المحارم كذا في المجمع ، وقال النووي في شرح صحيح مسلم : قوله : فذلكم الرباط ؛ أي الرباط المرغب فيه ، وأصل الرباط الحبس على الشيء كأنه حبس نفسه على هذه الطاعة ، وقيل : إنه أفضل الرباط كما قيل الجهاد جهاد النفس ، ويحتمل أنه الرباط المتيسر الممكن ، أي إنه من أنواع الرباط . انتهى ، وقال القاضي : إن هذه الأعمال هي المرابطة الحقيقية لأنها تسد طرق الشيطان على النفس ، وتقهر الهوى وتمنعها من قبول الوساوس ، فيغلب بها حزب الله جنود الشيطان وذلك هو الجهاد الأكبر .

قوله : ( ثلاثا ) أي قال هذه الكلمة ثلاث مرات ، وحكمة تكرارها للاهتمام بها وتعظيم شأنها ، وقيل كررها على عادته في تكرار الكلام ليفهم عنه ، والأول أظهر والله أعلم .

قوله : ( وفي الباب عن علي وعبد الله بن عمرو وابن عباس وعبيدة ويقال عبيدة بن عمرو وعائشة وعبد الرحمن بن عائش وأنس ) أما حديث علي فأخرجه أبو يعلى والبزار بإسناد صحيح والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولفظه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إسباغ الوضوء في المكاره وإعمال الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا كذا في الترغيب ، وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والدارمي ، وأما حديث ابن عباس فأخرجه الترمذي بلفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني الليلة آت من ربي ، وفي رواية : رأيت ربي في أحسن صورة ، فقال لي : يا محمد . قلت : لبيك رب وسعديك ، قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى الحديث ، وأما حديث عبيدة بن عمرو فأخرجه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ، ورجال أحمد ثقات ولفظه : قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 143 ] توضأ فأسبغ الوضوء . كذا في مجمع الزوائد ، وأما حديث عبد الرحمن بن عائش فأخرجه البغوي في شرح السنة ، كذا في المشكاة ص 62 ، وأما حديث أنس فخرجه البزار ولفظه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا : إسباغ الوضوء وكثرة الخطى إلى المساجد قال في مجمع الزوائد : عاصم بن بهدلة لم يسمع من أنس وبقية رجاله ثقات .

قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) والحديث رواه مسلم أيضا .

قوله : ( والعلاء بن عبد الرحمن هو ابن يعقوب الجهني ) ضمير " هو " يرجع إلى العلاء لا إلى عبد الرحمن ( وهو ) أي العلاء بن عبد الرحمن ، فهذا الضمير أيضا يرجع إلى العلاء لا إلى عبد الرحمن ( ثقة عند أهل الحديث ) قال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة العلاء بن عبد الرحمن : وقال الترمذي وهو ثقة عند أهل الحديث . انتهى .

فظهر أن ضمير " هو " في قوله : وهو ثقة عند أهل الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية