قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد ) بن سعيد بن ثمامة الكندي وقيل غير ذلك في نسبه ، ويعرف بابن أخت النمر صحابي صغير له أحاديث قليلة ، وحج به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين ، وولاه عمر سوق المدينة مات سنة 91 إحدى وتسعين وقيل : قبل ذلك ، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة .
قوله : ( كان الأذان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر إذا خرج الإمام ) ؛ أي : للخطبة وجلس على المنبر ( أقيمت الصلاة ) ، كذا في النسخ المطبوعة في الهند . وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي هذا الحديث بلفظ " وإذا أقيمت الصلاة " وهو الصحيح ، وكذلك وقع في رواية أبي عامر عن ابن أبي ذئب عند nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة : إذا خرج الإمام وإذا أقيمت الصلاة ، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي من طريق ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب كذا في الفتح ، والمعنى : كان الأذان في العهد النبوي وعهد أبي بكر وعمر أذانين ؛ أحدهما حين خروج الإمام وجلوسه على المنبر ، والثاني حين إقامة الصلاة . فكان في عهدهم الأذانان فقط ولم يكن الأذان الثالث ، والمراد بالأذانين الأذان الحقيقي والإقامة ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن ابن أبي ذئب عند nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة : كان الأذان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر أذانين يوم الجمعة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة : قوله أذانين يريد الأذان والإقامة يعني تغليبا أو لاشتراكهما في الإعلام ، كذا في فتح الباري .
( فلما كان عثمان ) أي : خلافته ، أو كان خليفة ( زاد النداء الثالث ) ، قال الحافظ في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن ابن أبي ذئب : فأمر عثمان بالأذان الأول ، ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي من هذا الوجه ، ولا منافاة بينهما ؛ لأنه باعتبار كونه مزيدا يسمى ثالثا وباعتبار كونه جعل مقدما على الأذان والإقامة يسمى أولا ، ووقع في رواية : أن التأذين بالثاني أمر به عثمان وتسميته ثانيا أيضا متوجه بالنظر إلى الأذان الحقيقي لا الإقامة .
( على الزوراء ) بفتح الزاي وسكون الواو بعدها راء ممدودة ، قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : الزوراء موضع بالسوق بالمدينة . قال الحافظ : ما فسر به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هو المعتمد ، وجزم ابن بطال بأنه حجر كبير [ ص: 40 ] عند باب المسجد ، وفيه نظر لما في رواية أبي إسحاق عن الزهري عند nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بلفظ : زاد النداء الثالث على دار في السوق يقال لها : الزوراء ، وفي روايته عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : فأمر بالنداء الأول على دار له يقال لها : الزوراء ، فكان يؤذن له عليها ، وفي رواية له من هذا الوجه : فأذن بالزوراء قبل خروجه ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت كذا في الفتح ، وفيه أيضا : زاد أبو عامر -يعني ابن خزيمة - عن ابن أبي ذئب ، فثبت ذلك حتى الساعة .
وفي رواية يونس يعني عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بلفظ : فثبت الأمر كذلك ، والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك ؛ لكونه خليفة مطاع الأمر ، لكن ذكر الفاكهاني أن أول من أحدث الأذان الأول بمكة الحجاج ، وبالبصرة زياد ، وبلغني أن أهل المغرب الأدنى الآن لا تأذين عندهم سوى مرة ، وروى ابن أبي شيبة من طريق ابن عمر قال : الأذان الأول يوم الجمعة بدعة ، فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الإنكار ، ويحتمل أنه يريد أنه لم يكن في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكل ما لم يكن في زمنه يسمى بدعة ، لكن منها ما يكون حسنا ومنها ما يكون بخلاف ذلك ، وتبين بما مضى أن عثمان أحدثه لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياسا على بقية الصلوات فألحق الجمعة بها وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب ، انتهى .
قلت : ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته -صلى الله عليه وسلم- قال القاري في المرقاة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=751674فعليكم بسنتي " أي : بطريقتي الثابتة عني واجبا أو مندوبا ، وسنة الخلفاء الراشدين فإنهم لم يعملوا إلا بسنتي ، فالإضافة إليهم إما لعملهم بها أو لاستنباطهم واختيارهم إياها . انتهى كلام القاري .
وقال صاحب سبل السلام : أما حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=751675عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، أخرجه أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وقال : على شرط الشيخين ، ومثله حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=751676اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " ، أخرجه الترمذي وقال : حسن ، وأخرجه أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، وله طريق فيها مقال إلا أنه يقوي بعضها بعضا ، فإنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته -صلى الله عليه وسلم- [ ص: 41 ] من جهاد الأعداء وتقوية شعائر الدين ونحوها ، فإن الحديث عام لكل خليفة راشد لا يخص الشيخين .
ومعلوم من قواعد الشريعة أنه ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم . ثم هذا عمر -رضي الله عنه- نفسه الخليفة الراشد سمى ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة ولم يقل : إنها سنة . فتأمل . على أن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل ، فدل أنهم لم يحملوا الحديث على أن ما قالوه وفعلوه حجة .
وقد حقق البرماوي الكلام في شرح ألفيته في أصول الفقه مع أنه قال : إنما الحديث الأول يدل على أنه إذا اتفق الخلفاء الأربعة على قول كان حجة لا إذا انفرد واحد منهم . والتحقيق أن الاقتداء ليس هو التقليد بل هو غيره كما حققناه في شرح نظم الكافل في بحث الإجماع ، انتهى كلام صاحب السبل .
فإذا عرفت أنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته -صلى الله عليه وسلم- لاح لك أن الاستدلال على كون الأذان الثالث الذي هو من مجتهدات عثمان -رضي الله عنه- أمرا مسنونا ليس بتام ، ألا ترى ابن عمر -رضي الله عنه- قال : الأذان الأول يوم الجمعة بدعة ، فلو كان هذا الاستدلال تاما وكان الأذان الثالث أمرا مسنونا لم يطلق عليه لفظ البدعة ، لا على سبيل الإنكار ولا على سبيل غير الإنكار ، فإن الأمر المسنون لا يجوز أن يطلق عليه لفظ البدعة بأي معنى كان فتفكر .