934 ( فيفصم عني ) بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة ، أي يقطع وينجلي ما يغشاني ، ويروى بضم أوله من الرباعي ، وأصل الفصم القطع ، وقيل الفصم بالفاء : القطع بلا إبانة ، وبالقاف : القطع بإبانة
[ ص: 148 ] ( وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا ) التمثل مشتق من المثل ، أي يتصور ، واللام في الملك للعهد أي جبريل ، وصرح به رواية ابن سعد ، ورجلا منصوب نصب المصدر ، أي مثل رجل ، أو الحال أي هيئة رجل ، أو التمييز ، قال المتكلمون : الملائكة أجسام علوية لطيفة تتشكل أي شكل أرادوا ، وقد سأل عبد الحق الصقلي إمام الحرمين حين اجتمع به بمكة عن هذه ، وكيف كان جبريل يجيء مرة في صورة دحية ، وجاء مرة في هيئة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ، وصورته الأصلية وله ستمائة جناح ، وكل جناح منها يسد الأفق فقال : من قائل : إنه - سبحانه - يفني الزائد من خلقه ثم يعيده ، ومن قائل : إن ذلك إنما هو تمثيل في عين الرائي لا في جسم جبريل ، وهو الذي يعطيه قوله : يتمثل ، قال : وتحقيقه أن جبريل عبارة عن الحقيقة الملكية الخاصة ، وملك لا يتغير بالصور والقوالب ، كما أن حقيقتنا لا تتغير بها ، ألا ترى أن الجسم يتغير ويفنى مع أن الأرواح لا تتغير ، كما أنها في الجنة تركب على أجسام لطيفة نورانية ملكية تنعكس الأبدان الآدمية الكثيفة هناك إلى عالم الكمال الجسماني على نحو الأجسام الملكية الآن ، فحقيقة جبريل كانت معلومة عند النبي صلى الله عليه وسلم مجعولة في أي قالب كان ، قلت : ولهذا ورد في حديث مجيئه وسؤاله عن الإيمان : ما جاءني قط إلا وأنا أعرفه إلا أن يكون هذه المرة ثم قال : ومن هذا فهم السر المودع في عصا موسى كيف كانت تارة ثعبانا فاتحا فاه ، وأخرى شمعة ، ومرة شجرة صورتها مثمرة ، وأخرى سميرا يحادثه إذا استوحش ، فتارة عود ، وأخرى ذو روح ، وانحطت مرة على فرعون وجعلت تقول : يا موسى مرني بما شئت ، ويقول فرعون : أسألك بالذي أرسلك إلا أخذتها فيأخذها فتعود عصا ، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام والشيخ سراج الدين البلقيني : ما ذكره إمام الحرمين لا ينحصر الحال فيه ، بل يجوز أن يكون الآتي هو جبريل بشكله الأصلي إلا أنه انضم فصار على قدر هيئة الرجل ، وإذا ترك ذلك عاد إلى هيئته ، ومثل ذلك القطن إذا [ ص: 149 ] جمع بعد أن كان منتفشا ، فإنه بالنفش يحصل له صورة كبيرة ، وذاته لم تتغير ، وهذا على سبيل التقريب ، والحق أن تمثل الملك رجلا ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلا ، بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه ، والظاهر أيضا أن القدر لا يزول ولا يفنى بل يخفى على الرائي فقط ( فيكلمني ) قال الحافظ ابن حجر : وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق القعنبي عن مالك : فيعلمني بالعين بدل الكاف ، والظاهر أنه تصحيف ، فقد وقع في الموطأ رواية القعنبي بالكاف ، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=14269للدارقطني في حديث مالك من طريق القعنبي وغيره ( فأعي ما يقول ) زاد أبو عوانة في صحيحه : وهو أهون علي ( وإن جبينه ليتفصد عرقا ) بالفاء وتشديد المهملة مأخوذ من الفصد ، وهو قطع العرق لإسالة الدم ، شبه جبينه بالعرق المفصود مبالغة في كثرة العرق ، وعرقا تمييز ، وحكى العسكري بالتصحيف عن بعض شيوخه أنه قرأه ليتقصد بالقاف . قال العسكري : فإن ثبت فهو من قولهم : تقصد الشيء إذا تكسر وتقطع ، ولا يخفى بعده ، قال الحافظ ابن حجر : وقد وقع في هذا التصحيف أبو الفضل بن طاهر فرده عليه المؤتمن الساجي بالفاء ، قال : فأصر على القاف