صفحة جزء
1226 أخبرنا قتيبة عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد أنه قال سمعت أبا هريرة يقول صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن فقال قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال أصدق ذو اليدين فقالوا نعم فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم
1226 ( كل ذلك لم يكن ) قال القرطبي هذا مشكل بما ثبت من حاله -صلى الله عليه وسلم- فإنه يستحيل عليه الخلف والاعتذار عنه من وجهين أحدهما أنه إنما نفى الكلية وهو صادق فيها ; إذ لم يجتمع وقوع الأمرين وإنما وقع أحدهما ولا يلزم من نفي الكلية نفي الجزء من أجزائها فإذا قال لم ألق كل العلماء لم يفهم أنه لم يلق واحدا منهم ولا يلزم ذلك منه إلا أن هذا الاعتذار يبطله قوله في الرواية الأخرى لم أنس ولم تقصر بدل قوله كل ذلك لم يكن فقد نفى الأمرين نصا والثاني أنه إنما أخبر عن الذي كان في اعتقاده وظنه وهو أنه لم يفعل شيئا من ذلك فأخبر بحق ; إذ خبره موافق لما في نفسه فليس فيه [ ص: 23 ] خلف قال وللأصحاب فيه تأويلات أخر ؛ منها قوله لم أنس راجع إلى السلام أي لم أنس السلام وإنما سلمت قصدا وهذا فاسد ؛ لأنه حينئذ لا يكون جوابا عما سئل عنه ومنها الفرق بين النسيان والسهو فقالوا كان يسهو ولا ينسى ; لأن النسيان غفلة وهذا أيضا ليس بشيء ; إذ لا يسلم الفرق ولو سلم فقد أضاف -صلى الله عليه وسلم- النسيان إلى نفسه في غير موضع ، فقال إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ومنها ما اختاره القاضي عياض أنه إنما أنكر -صلى الله عليه وسلم- النسيان إليه ; إذ ليس من فعله كما قال في الحديث الآخر بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت بل هو نسي أي خلق فيه النسيان وهذا يبطله أيضا أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني وأيضا فلم يصدر ذلك عنه على جهة الزجر والإنكار بل على جهة النفي كما قاله السائل عنه وأيضا فلا يكون جوابا لما سئل عنه والصواب حمله على ما ذكرناه والله - [ ص: 24 ] تعالى - أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية