1482 [ ص: 138 ] ( لقد أدنيت الجنة مني ) قال الحافظ ابن حجر منهم من حمله على أن الحجب كشفت له دونها فرآها على حقيقتها وطويت المسافة بينهما حتى أمكنه أن يتناول منها ومنهم من حمله على أنها مثلت له في الحائط كما تنطبع الصورة في المرآة فرأى جميع ما فيها وقال القرطبي لا إحالة في إبقاء هذه الأمور على ظواهرها لا سيما على مذهب أهل السنة في الجنة والنار قد خلقتا ووجدتا وذلك أنه راجع إلى أن الله تعالى خلق لنبيه -صلى الله عليه وسلم- إدراكا خاصا به أدرك الجنة والنار على حقيقتهما كما خلق له إدراكا لبيت المقدس فطفق يخبرهم عن آياته وهو ينظر إليه ويجوز أن يقال إن الله تعالى مثل له الجنة والنار وصورهما له في الحائط كما يتمثل صور المرئيات في المرآة ولا يستبعد هذا من حيث إن الانطباع في المرآة إنما هو في الأجسام الصقلية ؛ لأنا نقول إن ذلك شرط عادي لا عقلي ويجوز أن تخرق العادة وخصوصا في مدة النبوة ولو سلم أن تلك الشروط عقلية فيجوز أن تكون تلك الأمور موجودة في جسم الحائط ولا يدرك ذلك إلا النبي -صلى الله [ ص: 139 ] عليه وسلم- ( من قطوفها ) جمع قطف وهو ما يقطف منها أي يقطع ويجتنى ( تعذب في هرة ) قال ابن مالك ( في ) هنا للسببية وهو مما خفي على أكثر النحويين مع وروده في القرآن والحديث والشعر القديم ( من خشاش الأرض ) أي هوامها وحشراتها