1485 [ ص: 141 ] ( nindex.php?page=hadith&LINKID=757388إن ناسا يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء وليس كذلك إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ) قال الكرماني فإن قلت ما فائدة هذه اللفظة إذ لم يقل أحد بأن الانكساف للحياة لا سيما هنا إذ السياق إنما هو في موت إبراهيم فيتم الجواب بقوله لا ينكسفان لموت أحد قلت فائدته دفع توهم من يقول قد لا يكون الموت سببا للانكساف ويكون نقيضه سببا له فعمم النفي ; أي ليس سببه لا الموت ولا الحياة بل سببه قدرة الله تعالى فقط ( إن الله إذا بدا لشيء من خلقه خشع له ) قال ابن القيم في كتابه مفتاح السعادة قال أبو حامد [ ص: 142 ] الغزالي هذه الزيادة لم يصح نقلها فيجب تكذيب ناقلها وإنما المروي ما ذكرنا يعني الحديث الذي ليست هذه الزيادة فيه قال ولو كان صحيحا لكان تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية فكم من ظواهر أولت بالأدلة العقلية التي لا تنتهي في الوضوح إلى هذا الحد قال ابن القيم وإسناد هذه الزيادة لا مطعن فيه ورواته كلهم ثقات حفاظ ولكن لعل هذه اللفظة مدرجة في الحديث من كلام بعض الرواة ولهذا لا توجد في سائر أحاديث الكسوف فقد رواها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تسعة عشر صحابيا عائشة nindex.php?page=showalam&ids=64وأسماء بنت أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمرو nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=24وسمرة بن جندب وقبيصة الهلالي nindex.php?page=showalam&ids=77وعبد الرحمن بن سمرة فلم يذكر أحد منهم في حديثه هذه اللفظة فمن هنا يخاف أن تكون أدرجت في الحديث إدراجا وليست في لفظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن هنا مسلكا بديع المأخذ لطيف المنزع يقبله العقل السليم والفطرة السليمة وهو أن كسوف الشمس والقمر يوجب لهما من الخشوع والخضوع بانمحاء نورهما وانقطاعه عن هذا العالم ما يكون فيه ذهاب سلطانهما [ ص: 143 ] وبهائهما وذلك يوجب لا محالة لهما من الخشوع والخضوع لرب العالمين وعظمته وجلاله ما يكون سببا لتجلي الرب تعالى لهما ولا يستلزم أن يكون تجلي الله سبحانه لهما في وقت معين كما يدنو من أهل الموقف عشية عرفة فيحدث لهما ذلك التجلي خشوعا آخر ليس هذا الكسوف ولم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله تعالى إذا تجلى لهما انكسفا ولكن اللفظة عند أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=hadith&LINKID=757389إن الله تعالى إذا بدا لشيء من خلقه خشع له ولفظ ابن ماجه nindex.php?page=hadith&LINKID=757390فإذا تجلى الله تعالى لشيء من خلقه خشع له فههنا خشوعان خشوع أوجب كسوفهما بذهاب ضوئهما وانمحائه فتجلى الله لهما فحدث لهما عند تجليه تعالى خشوع آخر بسبب التجلي كما حدث للجبل إذا تجلى له تعالى خشوع أن صار دكا وساخ في الأرض وهذا غاية الخشوع لكن الرب تعالى يثبتهما لتجليه عناية بخلقه لانتظام مصالحهم بهما ولو شاء سبحانه لثبت الجبل لتجليه كما يثبتهما ولكن أرى كليمه موسى أن الجبل العظيم لم يطق الثبات لتجليه له فكيف تطيق أنت الثبات للرؤية التي سألتها وقال القاضي تاج الدين السبكي في منع الموانع الكبير الخلاف بين الفلاسفة وغيرهم من الفرق ثلاثة أقسام قسم لا يصدم مذهبهم فيه أصلا من أصول الدين وليس من ضرورة الشرع منازعتهم فيه قال nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في كتاب تهافت الفلاسفة كقولهم خسوف القمر عبارة عن انمحاء ضوئه بتوسط الأرض بينه وبين الشمس من حيث إنه يقتبس نوره من الشمس والأرض كرة والسماء محيطة بها من الجوانب فإذا وقع القمر في ظل الأرض انقطع عنه نور الشمس وكقولهم إن كسوف الشمس معناه وقوف جرم القمر بين الناظر وبين الشمس وذلك عند اجتماعهما في العقدتين على دقيقة واحدة وهذا الفن لسنا نخوض في إبطاله إذ لا يتعلق به غرض ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ومن ظن أن المناظرة في إبطال هذا من الدين فقد جنى على الدين وضعف أمره وأن هذه الأمور يقوم عليها براهين هندسية حسابية لا يبقى معها ريبة فمن يطلع إليها ويحقق أدلتها حتى يخبر بسببها عن وقت الكسوف وقدرهما ومدة بقائهما إلى الانجلاء إذا قيل له إن هذا على خلاف الشرع لم يسترب فيه وإنما يستريب في الشرع وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقة أكثر من ضرره ممن يطعن فيه وهو كما قيل عدو عاقل خير من صديق جاهل فإن قيل فقد قال رسول الله -صلى الله [ ص: 144 ] عليه وسلم- nindex.php?page=hadith&LINKID=757391إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة ، فكيف يلائم هذا ما قالوه ؟ قلنا ليس في هذا ما يناقض ما قالوه إذ ليس فيه إلا نفي الكسوف لموت أحد وحياته والأمر بالصلاة عنده والشرع الذي يأمر بالصلاة عند الزوال والغروب والطلوع من أين يبعد منه أن يأمر عند الخسوف بهما استحبابا فإن قيل فقد روي في آخر الحديث ولكن الله إذا تجلى لشيء خشع له فيدل أن الكسوف خشوع بسبب التجلي قلنا هذه الزيادة لم يصح نقلها فيجب تكذيب ناقلها ولو كان صحيحا لكان تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية فكم من ظواهر أولت بالأدلة العقلية التي لا تنتهي في الوضوح إلى هذا الحد وأعظم ما يفرح به الملحد أن يصرح ناصر الشرع بأن هذا وأمثاله على خلاف الشرع فيسهل عليه طريق إبطال الشرع قال التاج السبكي وهو صحيح غير أن إنكار حديث إن الله تعالى إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له ليس بجيد فإنه مروي في nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وغيره ولكن تأويله ظاهر فأي بعد في أن العالم بالجزئيات ومقدر الكائنات سبحانه يقدر في أزل الآزال خسوفهما بتوسط الأرض بين القمر والشمس ووقوف جرم القمر بين الناظر والشمس ويكون ذلك وقت تجليه سبحانه وتعالى عليهما فالتجلي سبب لكسوفهما [ ص: 145 ] قضت العادة بأنه يقارن توسط الأرض ووقوف جرم القمر لا مانع من ذلك ولا ينبغي منازعة [ ص: 146 ] القوم فيه إذا دلت عليه براهين قطعية