2211 ( الصوم لي , وأنا أجزي به ) اختلف العلماء في المراد بهذا مع أن الأعمال كلها لله -تعالى- , وهو الذي يجزي بها على أقوال : أحدها : أن الصوم لا يقع فيه الرياء , كما يقع في غيره قاله أبو عبيد قال : ويؤيده حديث : ليس في الصوم رياء قال : وذلك ؛ لأن الأعمال إنما تكون بالحركات , إلا الصوم , فإنما هو بالنية التي تخفى عن الناس , [ ص: 160 ] قال : هذا وجه الحديث عندي , والحديث المذكور رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بسند ضعيف قال الحافظ ابن حجر : ولو صح لكان قاطعا للنزاع , وقد ارتضى هذا الجواب المازري , nindex.php?page=showalam&ids=11890وابن الجوزي , والقرطبي .
الرابع : الإضافة إضافة تشريف وتعظيم , كما يقال : بيت الله , وإن كانت البيوت كلها لله .
الخامس : أن الاستغناء عن الطعام وغيره من الشهوات من صفات الرب جل جلاله , فلما تقرب الصائم إليه بما يوافق صفاته أضافه إليه ، قال القرطبي : معناه أن أعمال العباد مناسبة لأحوالهم , إلا الصيام , فإنه مناسب لصفة من صفات الحق كأنه يقول : إن الصائم يتقرب إلي بأمر هو متعلق بصفة من صفاتي .
السادس : أن المعنى كذلك , لكن بالنسبة إلى الملائكة ؛ لأن ذلك من صفاتهم .
السابع : أنه خالص لله -تعالى- , وليس للعبد فيه حظ بخلاف غيره , فإن له فيه حظا لثناء الناس عليه بعبادته .
الثامن : أن الصيام لم يعبد به غير الله بخلاف الصلاة , والصدقة , والطواف , ونحو ذلك .
العاشر : أن الصوم لا يظهر فتكتبه الحفظة , كما لا تكتب سائر أعمال القلوب , [ ص: 161 ] قال الحافظ ابن حجر : فهذا ما وقفت عليه من الأجوبة , وأقربها إلى الصواب الأول والثاني , وأقرب منهما الثامن والتاسع قال : وقد بلغني أن بعض العلماء بلغها إلى أكثر من هذا , وهو الطالقاني في حظائر القدس له , ولم أقف عليه قلت : قد وقفت عليه فرأيته بلغها إلى خمسة وخمسين قولا , وسأسوقها إن شاء الله تعالى في التعليق الذي على ابن ماجه قال الحافظ : اتفقوا على أن المراد بالصيام هنا صيام من سلم صيامه من المعاصي قولا وفعلا , وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : هذا الحديث يشكل بقوله عز وجل : nindex.php?page=hadith&LINKID=755136قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين , يعني أن نصف الفاتحة الأول ثناء على الله , والنصف الثاني دعاء للعبد في مصالحه , فقد صار لله غير الصوم ، قال : والجواب : أن الإضافة الثانية لا تناقض الأولى , إذ الثانية لأجل الثناء عليه عز وجل , والأول لأجل أحد الوجوه المذكورة , وإذا تعددت الجهة , فلا تعارض حينئذ .