4990 ( قال : يا محمد ، أخبرني عن الإسلام ) وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تقديم السؤال عن الإيمان ، وفي الأخرى الابتداء بالإسلام ، ثم بالإحسان ، ثم بالإيمان . قال الحافظ ابن حجر : ولا شك أن القصة واحدة اختلف الرواة في تأديتها ؛ فالتقديم والتأخير وقع من الرواة ( فعجبنا له يسأله ويصدقه ) قال القرطبي : إنما عجبوا منه لأن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف إلا من جهته ، وليس هذا السائل ممن عرف بلقاء النبي صلى الله عليه وسلم ولا بالسماع منه ، ثم هو يسأل سؤال عارف بما يسأل عنه بأنه يخبره بأنه صادق فيه ، فتعجبوا من ذلك تعجب المستبعد لذلك ( ثم قال : أخبرني عن الإيمان . قال : أن تؤمن بالله ) قال الطيبي : هذا يوهم التكرار وليس كذلك ، فإن قوله : " أن تؤمن بالله " مضمن معنى أن تعترف به ، ولهذا عداه بـ " الباء " أي : تصدق معترفا بذلك . وقال الكرماني : ليس هو تعريفا للشيء بنفسه ، بل المراد من المحدود الإيمان الشرعي ، ومن الحد الإيمان اللغوي ( وملائكته ) الإيمان بالملائكة هو التصديق بوجودهم ، وأنهم كما وصفهم الله عباد مكرمون ( وكتبه ) الإيمان بكتب الله التصديق بأنها كلام الله ، وأن ما تضمنته حق ( ورسله ) الإيمان بالرسل التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله ( واليوم الآخر ) قيل له ذلك لأنه آخر أيام الدنيا ، أو آخر الأزمنة المحدودة ، والمراد [ ص: 99 ] بالإيمان به التصديق بما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار ( قال : فأخبرني عن الإحسان ) هو مصدر أحسنت كذا : إذا أتقنته ، وإحسان العبادة الإخلاص فيها والخشوع ، وفراغ البال حال التلبس بها ، ومراقبة المعبود ، وأشار في الجواب إلى حالتين أرفعهما أن يغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه بقلبه ، وهو قوله : كأنك تراه أي : : هو يراك ، والثانية : أن يستحضر أن الحق مطلع عليه ، يرى كل ما يعمل ، وهو قوله : فإنه يراك . وهاتان الحالتان ثمرتهما معرفة الله تعالى وخشيته ، وقال النووي : معناه أنك إنما تراعي الآداب المذكورة إذا كنت تراه يراك لكونه يراك ، لا لكونك تراه ، فهو دائما يراك ، فأحسن عبادته وإن لم تره ، فتقدير الحديث : فإن لم تكن تراه ، فاستمر على إحسان العبادة ؛ فإنه يراك ، وأقدم بعض غلاة الصوفية على تأويل الحديث بغير علم ، فقال : فيه إشارة إلى مقام المحو والفناء ، وتقديره : " فإن لم تكن " أي : فإن لم تصر شيئا وفنيت عن نفسك حتى كأنك ليس بموجود ، فإنك حينئذ تراه ، وغفل قائل هذا للجهل بالعربية عن أنه لو كان المراد ما زعم ، لكان قوله : " تراه " محذوف الألف ؛ لأنه يصير مجزوما ؛ لكونه على زعمه جواب الشرط ، ولم يرد في شيء من طرق هذا الحديث بحذف الألف ، وإثباتها في الفعل المجزوم على خلاف القياس ، فلا يصار إليه ؛ إذ لا ضرورة هنا ، وأيضا لو كان ما ادعاه صحيحا ، لكان قوله : " فإنه يراك " ضائعا ؛ لأنه لا ارتباط له بما قبله ، ومما يفسد تأويله رواية : nindex.php?page=hadith&LINKID=757476فإنك إن لا تراه فإنه يراك ، فسلط النفي على الرؤية [ ص: 100 ] لا على الكون الذي حمل على ارتكاب التأويل المذكور ( قال : فأخبرني عن الساعة ) أي : متى تقوم؟ ( قال : ما المسئول عنها بأعلم بها من السائل ) عدل عن قوله : " لست بأعلم بها منك " إلى لفظ يشعر بالتعميم تعريضا للسامعين ، أي : أن كل مسئول وكل سائل فهو كذلك ( أن تلد الأمة ربتها ) اختلف العلماء في معنى ذلك ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معناه اتساع الإسلام ، واستيلاء أهله على بلاد الشرك ، وسبي ذراريهم ، فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها ؛ لأنه ولد سيدها . قال النووي وغيره : هذا قول الأكثرين . قال الحافظ ابن حجر : لكن في قوله المراد نظر ؛ لأن استيلاد الإماء كان موجودا حين المقابلة ، والاستيلاء على بلاد الشرك ، وسبي ذراريهم ، واتخاذهم سراري كان أكثره في صدر الإسلام ، وسياق الكلام يقتضي الإشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة ، وقيل : معناه : أن تبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر ذلك ، فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها ولدها ، وعلى هذا الذي يكون من الأشراط غلبة الجهل بتحريم أمهات الأولاد ، والاستهانة بالأحكام الشرعية . وقيل : معناه أن يكثر العقوق في الأولاد ، فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام ، فأطلق عليه ربها مجازا لذلك ، أو المراد بالرب المربي فيكون حقيقة .
قال الحافظ ابن حجر : وهذا الوجه أوجه عندي لعمومه وتحصيله الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور ، بحيث يصير المربى مربيا ، والسافل عاليا ، وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى : nindex.php?page=hadith&LINKID=757477أن يصير الحفاة العراة ملوك الأرض ( العالة ) أي الفقراء ( رعاء الشاء ) قال في " النهاية " : الرعاء بالكسر والمد جمع راعي الغنم ، وقد [ ص: 101 ] يجمع على " رعاة " بالضم ، ( قال عمر : فلبثت ثلاثا ) قال الحافظ ابن حجر : ادعى بعضهم في هذه [ ص: 102 ] الكلمة التصحيف ، وأنها " فلبثت مليا " صغرت ميمها فأشبهت ثلاثا ؛ لأنها تكتب بلا ألف ، قال : هذه الدعوى مردودة ، فإن في رواية أبي عوانة : " فلبثنا ليالي ، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث " ، nindex.php?page=showalam&ids=13053ولابن حبان : " بعد ثلاثة " ، ولابن منده : " بعد ثلاثة أيام " .