762 ( اكلفوا من العمل ما تطيقون ) بفتح اللام يقال : كلفت بهذا الأمر أكلف به إذا أولعت به وأحببته ( فإن الله لا يمل حتى تملوا ) بفتح الميم في الفعلين ، والملال استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته ، وهو محال على الله - تعالى - باتفاق ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي وجماعة من المحققين : إنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازا كما قال - تعالى - : وجزاء سيئة سيئة مثلها وأنظارها ، قال القرطبي : وجه مجازه أنه تعالى [ ص: 69 ] لما قطع ثوابه عن قطع العمل ملالا عبر عن ذلك بالملال ، من باب تسمية الشيء باسم سببه وقال الهروي : معناه لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فتزهدوا في الرغبة إليه ، وهذا كله بناء على أن حتى على بابها في انتهاء الغاية ، وما يترتب عليها من المفهوم ، وجنح بعضهم إلى تأويلها ، فقيل : معناه : لا يمل الله إذا مللتم ، وهو مستعمل في كلام العرب يقولون : لا يفعل كذا حتى يبيض القار أو حتى يشيب الغراب ، ومنه قولهم في البليغ : لا ينقطع حتى ينقطع خصومه ؛ لأنه لو انقطع حين ينقطعون لم يكن له عليهم مزية ، وهذا المثال أشبه من الذي قبله ؛ لأن شيب الغراب ليس ممكنا عادة بخلاف الملال من العابد ، وقال المازري قيل : إن حتى هنا بمعنى الواو فيكون التقدير : لا يمل وتملون ، فنفى عنه الملال وأثبته لهم قال : وقيل : حتى بمعنى حين ، والأول أليق وأحرى على القواعد ، وأنه من باب المقابلة اللفظية ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه : هذا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد مما يخاطب به إلا بها ، وهذا رأيه في جميع المتشابه ( وإن أحب الأعمال إلى الله أدومه ) قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : معنى المحبة من الله - تعالى - تعلق الإرادة بالثواب ، أي أكثر الأعمال ثوابا أدومها وإن قل ، قال النووي : لأن بدوام القليل يستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله بخلاف الكثير الشاق ، حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : إنما أحب الدائم لمعنيين : أحدهما : أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصول فهو متعرض لهذا ؛ ولهذا أورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم نسيها ، وإن كان قبل حفظها لا تتعين عليه ، والثاني : أن مداوم الخير ملازم الخدمة ، وليس من لازم [ ص: 70 ] [ ص: 71 ] [ ص: 72 ] الباب في كل يوم وقتا ما كمن لازم يوما كاملا ثم انقطع