[
قدوم وفد بني حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب ]
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد
بني حنيفة ، فيهم
مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب .
قال
ابن هشام : مسيلمة بن ثمامة ، ويكنى أبا ثمامة .
[ ما كان من الرسول لمسيلمة ]
قال
ابن إسحاق : فكان منزلهم في
دار بنت الحارث امرأة من
الأنصار ، ثم من
بني النجار ، فحدثني بعض علمائنا من
أهل المدينة : أن
بني حنيفة أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم تستره بالثياب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه . معه عسيب من سعف النخل ، في رأسه خوصات ؛ قلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يسترونه بالثياب ، كلمه وسأله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه .
قال
ابن إسحاق : وقد حدثني شيخ من
بني حنيفة من أهل
اليمامة أن حديثه كان على غير هذا . زعم أن وفد
بني حنيفة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخلفوا
مسيلمة في رحالهم ، فلما أسلموا ذكروا مكانه ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا وفي ركابنا يحفظها لنا ، قال : فأمر له رسول الله
[ ص: 577 ] صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمر به للقوم ؛ وقال : أما إنه ليس بشركم مكانا ؛ أي لحفظه ضيعة أصحابه ، وذلك الذي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ارتداده وتنبؤه ]
قال : ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : وجاءوه بما أعطاه ، فلما انتهوا إلى
اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم ، وقال : إني قد أشركت في الأمر معه . وقال لوفده الذين كانوا معه : ألم يقل لكم حين ذكرتموني له : أما إنه ليس بشركم مكانا ؛ ما ذاك إلا لما كان يعلم أني قد أشركت في الأمر معه ؛ ثم جعل يسجع لهم الأساجيع ، ويقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن : لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين صفاق وحشى . وأحل لهم الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه نبي ، فأصفقت معه
حنيفة على ذلك ، فالله أعلم أي ذلك كان .