[
بلاء ابن مكيث في هذه الغزوة ]
قال : ثم سرنا حتى أتينا
الكديد عند غروب الشمس ، فكنا في ناحية الوادي ، وبعثني أصحابي ربيئة لهم ، فخرجت حتى آتي تلا مشرفا على الحاضر ، فأسندت فيه ، فعلوت على رأسه ، فنظرت إلى الحاضر ، فوالله إني لمنبطح على التل ، إذ خرج رجل منهم من خبائه ، فقال لامرأته : إني لأرى على التل سوادا ما رأيته في أول يومي ، فانظري إلى أوعيتك هل تفقدين منها شيئا ، لا تكون الكلاب جرت بعضها ؛ قال : فنظرت ، فقالت : لا ، والله ما أفقد شيئا ؛ قال : فناوليني قوسي وسهمين ، فناولته ، قال : فأرسل سهما ، فوالله ما أخطأ جنبي ، فأنزعه ، فأضعه ، وثبت مكاني ، قال : ثم أرسل الآخر ، فوضعه في منكبي ، فأنزعه فأضعه ، وثبت مكاني ، فقال لامرأته : لو كان ربيئة لقوم لقد تحرك ، لقد خالطه سهماي لا أبا لك ، إذا أصبحت فابتغيهما ، فخذيهما ، لا يمضغهما علي الكلاب . قال : ثم دخل .
[ نجاة المسلمين بالنعم ]
قال : وأمهلناهم ، حتى إذا اطمأنوا وناموا ، وكان في وجه السحر ، شننا
[ ص: 611 ] عليهم الغارة ، قال : فقتلنا ، واستقنا النعم ، وخرج صريخ القوم ، فجاءنا دهم ، لا قبل لنا به ، ومضينا بالنعم ، ومررنا
بابن البرصاء وصاحبه ، فاحتملناهما معنا ؛ قال : وأدركنا القوم حتى قربوا منا ، قال : فما بيننا وبينهم إلا
وادي قديد ، فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى ، من غير سحابة نراها ، ولا مطر ، فجاء بشيء ليس لأحد به قوة ، ولا يقدر على أن يجاوزه ، فوقفوا ينظرون إلينا ، وإنا لنسوق نعمهم ، ما يستطيع منهم رجل أن يجيز إلينا ، ونحن نحدوها سراعا ، حتى فتناهم ، فلم يقدروا على طلبنا
[ شعار المسلمين في هذه الغزوة ]
قال : فقدمنا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال
ابن إسحاق : وحدثني رجل من
أسلم ، عن رجل منهم : أن شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تلك الليلة : أمت أمت . فقال راجز من المسلمين وهو يحدوها .
أبى أبو القاسم أن تعزبي في خضل نباته مغلولب
صفر أعاليه كلون المدهب
قال
ابن هشام : ويروى : كلون الذهب . تم خبر الغزاة ، وعدت إلى ذكر تفصيل السرايا والبعوث .