[
الخطاب ووقوفه في سبيل زيد بن نفيل ، وخروج زيد إلى الشام وموته ]
وكان الخطاب قد آذى
زيدا ، حتى أخرجه إلى أعلى
مكة ، فنزل حراء مقابل
مكة ، ووكل به
الخطاب شبابا من شباب
قريش وسفهاء من سفهائها ، فقال لهم : لا تتركوه يدخل
مكة ؛ فكان لا يدخلها إلا سرا منهم ، فإذا علموا بذلك آذنوا به
الخطاب فأخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم ، وأن يتابعه أحد منهم على فراقه . فقال وهو يعظم حرمته على من استحل منه ما استحل من قومه :
:
لا هم إني محرم لا حله وإن بيتي أوسط المحله
عند الصفا ليس بذي مضله
ثم خرج يطلب دين
إبراهيم عليه السلام ، ويسأل الرهبان والأحبار ، حتى بلغ
الموصل والجزيرة كلها ، ثم أقبل فجال الشام كله ، حتى انتهى إلى راهب
بميفعة من أرض
البلقاء كان ينتهي إليه علم أهل النصرانية فيما يزعمون ، ، فسأله عن الحنيفية دين
إبراهيم ؛ فقال : إنك لتطلب دينا ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم ، ولكن قد أظل زمان نبي يخرج من بلادك التي خرجت منها ، يبعث بدين
إبراهيم الحنيفية ، فالحق بها ، فإنه مبعوث الآن ، هذا زمانه . وقد كان
[ ص: 232 ] شام اليهودية والنصرانية ، فلم يرض شيئا منهما ، فخرج سريعا ، حين قال له ذلك الراهب ما قال ، يريد
مكة ، حتى إذا توسط بلاد لخم عدوا عليه فقتلوه .