[ ص: 270 ] تحير الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن [ اجتماعه بنفر من
قريش ليبيتوا ضد النبي صلى الله عليه وسلم واتفاق
قريش أن يصفوا الرسول صلى الله عليه وسلم بالساحر ، وما أنزل الله فيهم ]
ثم إن
الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من
قريش ، وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر الموسم فقال لهم : يا معشر
قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود
العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ؛ قالوا : فأنت يا أبا
عبد شمس ، فقل وأقم لنا رأيا نقول به ، قال : بل أنتم فقولوا أسمع ؛ قالوا : نقول كاهن ، قال : لا والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه ؛ قالوا : فنقول : مجنون ، قال : ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ، ولا تخالجه ، ولا وسوسته ، قالوا : فنقول : شاعر ؛ قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر ؛ قالوا : فنقول : ساحر ؛ قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم ؛ قالوا : فما نقول يا أبا
عبد شمس ؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة - قال
ابن هشام : ويقال لغدق - وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء
[ ص: 271 ] وزوجته ، وبين المرء وعشيرته . فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم ، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه ، وذكروا لهم أمره .
فأنزل الله تعالى في
الوليد بن المغيرة وفي ذلك من قوله :
ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا أي خصيما .
قال
ابن هشام : عنيد : معاند مخالف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة بن العجاج :
ونحن ضرابون رأس العند
وهذا البيت في أرجوزة له .
سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر
قال
ابن هشام : بسر : كره وجهه . قال
العجاج :
مضبر اللحيين بسرا منهسا
يصف كراهية وجهه . وهذا البيت في أرجوزة له :
ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر