صفحة جزء
[ شعر أبي طالب في استعطاف قريش ]

فلما خشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه ، قال قصيدته التي تعوذ فيها بحرم مكة وبمكانه منها ، وتودد فيها أشراف قومه ، وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره أنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تاركه لشيء أبدا حتى يهلك دونه ، فقال :

:


ولما رأيت القوم لا ود فيهم وقد قطعوا كل العرى والوسائل     وقد صارحونا بالعداوة والأذى
وقد طاوعوا أمر العدو المزايل     وقد حالفوا قوما علينا أظنة
يعضون غيظا خلفنا بالأنامل     صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة
وأبيض عضب من تراث المقاول      [ ص: 273 ] وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي
وأمسكت من أثوابه بالوصائل     قياما معا مستقبلين رتاجه
لدى حيث يقضي حلفه كل نافل     وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم
بمفضى السيول من إساف ونائل     موسمة الأعضاد أو قصراتها
مخيسة بين السديس وبازل     ترى الودع فيها والرخام وزينة
بأعناقها معقودة كالعثاكل     أعوذ برب الناس من كل طاعن
علينا بسوء أو ملح بباطل     ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة
ومن ملحق في الدين ما لم نحاول     وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه
وراق ليرقى في حراء ونازل     وبالبيت ، حق البيت ، من بطن مكة
وبالله إن الله ليس بغافل     وبالحجر المسود إذ يمسحونه
إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل     وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة
على قدميه حافيا غير ناعل

التالي السابق


الخدمات العلمية