[
إحضار النجاشي المهاجرين ، وسؤاله لهم عن دينهم ، وجوابهم عن ذلك ]
قالت : ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم ، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ، ثم قال بعضهم لبعض : ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا : نقول : والله ما علمنا ، وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن .
فلما جاءوا ، وقد دعا
النجاشي أساقفته ، فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال لهم : ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ، ولم تدخلوا ( به )
[ ص: 336 ] في ديني ، ولا في دين أحد من هذه الملل ؟ قالت : فكان الذي كلمه
nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب ( رضوان الله عليه ) ، فقال له : أيها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك ، حتى بعث الله إلينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ؛ وأمرنا أن نعبد الله وحده ، لا نشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام - قالت : فعدد عليه أمور الإسلام - فصدقناه وآمنا به ، واتبعناه على ما جاء به من الله ، فعبدنا الله وحده ، فلم نشرك به شيئا ، وحرمنا ما حرم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا ، فعدا علينا قومنا ، فعذبونا ، وفتنونا عن ديننا ، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى ، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث ، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا ، خرجنا إلى بلادك ، واخترناك على من سواك ؛ ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك .
قالت : فقال له
النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟ قالت : فقال له
جعفر : نعم ؛ فقال له
النجاشي : فاقرأه علي ؛ قالت : فقرأ عليه صدرا من :
كهيعص قالت : فبكى والله
النجاشي حتى اخضلت لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم ، حين سمعوا ما تلا عليهم .
ثم قال ( لهم )
النجاشي : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ، انطلقا ،
[ ص: 337 ] فلا والله لا أسلمهم إليكما ، ولا يكادون .