[ ص: 560 ] [
أمرهم المؤمنين بالبخل ]
قال
ابن إسحاق : وكان
كردم بن قيس ، حليف
كعب بن الأشرف ،
وأسامة بن حبيب ،
ونافع بن أبي نافع ،
وبحري بن عمرو ،
وحيي بن أخطب ،
ورفاعة بن زيد بن التابوت ، يأتون رجالا من
الأنصار كانوا يخالطونهم ، ينتصحون لهم ، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقولون لهم : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ، ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون علام يكون .
فأنزل الله فيهم :
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله أي من التوراة ، التي فيها تصديق ما جاء به
محمد صلى الله عليه وسلم
وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله :
وكان الله بهم عليما [ جحدهم الحق ]
قال
ابن إسحاق :
وكان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود ، إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه ، وقال : أرعنا سمعك يا محمد ، حتى نفهمك ، ثم طعن في الإسلام وعابه . فأنزل الله فيه : ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ( أي راعنا سمعك ) ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا .
وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود ، منهم : عبد الله [ ص: 561 ] بن صوريا الأعور ، وكعب بن أسد . فقال لهم : يا معشر يهود ، اتقوا الله وأسلموا ، فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق قالوا : ما نعرف ذلك يا محمد : فجحدوا ما عرفوا ، وأصروا على الكفر فأنزل الله تعالى فيهم يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا .
[ تفسير ابن هشام لبعض الغريب ]
قال
ابن هشام : نطمس : نمسحها فنسويها ، فلا يرى فيها عين ولا أنف ولا فم ، ولا شيء مما يرى في الوجه ، وكذلك
فطمسنا أعينهم . المطموس العين : الذي ليس بين جفنيه شق . ويقال : طمست الكتاب والأثر ، فلا يرى منه شيء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13672الأخطل ، واسمه الغوث بن هبيرة بن الصلت التغلبي ، يصف إبلا كلفها ما ذكر :
:
وتكليفناها كل طامسة الصوى شطون ترى حرباءها يتململ
وهذا البيت في قصيدة له . قال
ابن هشام : واحدة الصوى : صوة . والصوى : الأعلام التي يستدل بها على الطرق والمياه . قال
ابن هشام : يقول : مسحت فاستوت بالأرض ، فليس فيها شيء ناتئ .