[ ص: 446 ] وممن توفي فيها من الأعيان
أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار أبو حمزة
ويقال : أبو ثمامة الأنصاري النجاري ، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، وأمه
nindex.php?page=showalam&ids=11471أم حرام مليكة بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام ، زوجة
nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري . روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث جمة ، وأخبر بعلوم مهمة ، وروى عن
أبي بكر وعمر وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وغيرهم ، وحدث عنه خلق من التابعين . قال
أنس : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة وأنا ابن عشر سنين ، وتوفي وأنا ابن عشرين سنة .
وقال
محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن أبيه عن
ثمامة قال : قيل
لأنس : أشهدت بدرا؟ فقال : وأين أغيب عن
بدر لا أم لك؟ قال الأنصاري : شهدها يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال شيخنا الحافظ
أبو الحجاج المزي : لم يذكر ذلك أحد من أصحاب المغازي . قلت : الظاهر أنه إنما شهد ما بعد ذلك من المغازي . والله أعلم .
[ ص: 447 ] وقد ثبت أن أمه أتت به وفي رواية : عمه زوج أمه
أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، هذا
أنس خادم لبيب يخدمك . فوهبته له ، فقبله ، وسألته أن يدعو له فقال :
اللهم أكثر ماله وولده ، وأدخله الجنة وثبت عنه أنه قال : كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كنت أجتنيها . وقد
استعمله أبو بكر ، ثم عمر على عمالة البحرين وشكراه في ذلك .
وقد ثبت عنه أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512651خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما ضربني ، ولا سبني ، ولا عبس في وجهي ، ولا قال لي لشيء : لم لا فعلت كذا؟ وقيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له ، فقال :
اللهم كثر ماله وولده ، وطول حياته وكان أنس رضي الله عنه كثير الصلاة والصيام والعبادة .
وقد انتقل بعد النبي صلى الله عليه وسلم فسكن
البصرة ، وكان له بها أربع دور ، وقد ناله أذى من جهة
الحجاج ، وذلك في فتنة
ابن الأشعث; توهم
الحجاج منه أنه داخل في الأمر ، وأنه أفتى فيه ، فختمه
الحجاج في عنقه : هذا عتيق
الحجاج .
[ ص: 448 ] وقد شكاه
أنس كما قدمنا إلى
عبد الملك ، فكتب إلى
الحجاج يعنفه ، ففزع
الحجاج من ذلك وصالح
أنسا . وقد وفد
أنس على
nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك في أيام ولايته ، قيل : في سنة ثنتين وتسعين ، وهو يبني جامع
دمشق .
قال
مكحول : رأيت
أنسا يمشي في مسجد
دمشق ، فقمت إليه فسألته عن
الوضوء من الجنازة ، فقال : لا وضوء . وقال
الأوزاعي : حدثني
إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر قال : قدم
أنس على
الوليد ، فقال له
الوليد : ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر به الساعة؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
أنتم والساعة كهاتين ورواه
عبد الرزاق بن عمر ، عن
إسماعيل قال : قدم
أنس على
الوليد في سنة ثنتين وتسعين ، فذكره .
وقال
الزهري : دخلت على
أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك؟ قال : لا أعرف مما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا هذه الصلاة ، وقد صنعتم فيها ما صنعتم . وفي رواية : وهذه الصلاة قد
[ ص: 449 ] ضيعت . يعني ما كان يفعله خلفاء
بني أمية من تأخير الصلاة إلى آخر وقتها الموسع; كانوا يواظبون على التأخير إلا
عمر بن عبد العزيز في أيام خلافته ، كما سيأتي .
وقال
عبد بن حميد ، عن
عبد الرزاق ، عن
جعفر بن سليمان ، عن
ثابت ، عن
أنس قال : جاءت بي أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام ، فقالت : يا رسول الله ، أنيس فادع الله له . فقال :
اللهم أكثر ماله وولده ، وأدخله الجنة . قال : فقد رأيت اثنتين ، وأنا أرجو الثالثة . وفي رواية : قال
أنس : فوالله إن مالي لكثير حتى نخلي وكرمي ليثمر في السنة مرتين ، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة . وفي رواية : وإن ولدي لصلبي مائة وستة . ولهذا الحديث طرق كثيرة ، وألفاظ منتشرة جدا ، وفي رواية : قال
أنس : وأخبرتني ابنتي
أمينة : أنه دفن لصلبي إلى حين مقدم
الحجاج عشرون ومائة . وقد تقصى ذلك بطرقه وأسانيده ، وأورد ألفاظه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في ترجمة
أنس ، وقد أوردنا طرفا من ذلك في كتاب دلائل النبوة في أواخر السيرة ، ولله الحمد .
[ ص: 450 ] وقال
ثابت لأنس : هل مست يدك كف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم . قال : فأعطنيها أقبلها . وقال
محمد بن سعد عن
أبي نعيم ، عن
يونس بن أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو ، قال : كان
أنس صاحب نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإداوته . وقال
محمد بن سعد : عن
مسلم بن إبراهيم ، عن
المثنى بن سعيد الذارع قال : سمعت
أنس بن مالك يقول : ما من ليلة إلا وأنا أرى فيها حبيبي صلى الله عليه وسلم . ثم يبكي .
وقال
أبو داود : ثنا
الحكم بن عطية ، عن
ثابت عن
أنس قال : إني لأرجو أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقول : يا رسول الله ، خويدمك .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
يونس ، ثنا
حرب بن ميمون ، عن
النضر بن أنس ، عن
أنس قال :
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة ، قال : أنا فاعل قلت : فأين أطلبك يوم القيامة يا نبي الله؟ قال : اطلبني أول ما تطلبني على الصراط . قلت : فإذا لم ألقك؟ قال : فأنا عند الميزان . قلت : فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال : فأنا عند الحوض ، لا أخطئ هذه الثلاث مواطن يوم القيامة . ورواه
الترمذي وغيره ، من حديث
حرب بن ميمون أبي [ ص: 451 ] الخطاب الأنصاري به ، وقال : حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
وقال
شعبة ، عن
ثابت قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من
ابن أم سليم ، يعني
أنس بن مالك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين : كان
أحسن الناس صلاة في الحضر والسفر . وقال
أنس : يا
ثابت خذ مني; فإني أخذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل ، ولست تجد أوثق مني .
وقال
معتمر بن سليمان ، عن أبيه : سمعت
أنسا يقول : ما بقي أحد
صلى القبلتين غيري .
وقال
محمد بن سعد : حدثنا
عفان ، حدثني شيخ لنا يكنى
أبا حباب ، سمعت
الجريري يقول : أحرم
أنس من
ذات عرق ، فما سمعناه متكلما إلا
[ ص: 452 ] بذكر الله عز وجل حتى أحل . فقال لي : يا ابن أخي ، هكذا الإحرام .
وقال
صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : دخل علينا
أنس يوم الجمعة ، ونحن في بعض أبيات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم نتحدث فقال : مه . فلما أقيمت الصلاة قال : إني أخاف أن أكون قد أبطلت جمعتي بقولي لكم : مه .
وقال
ابن أبي الدنيا ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15530بشار بن موسى الخفاف ، ثنا
جعفر بن سليمان ، عن
ثابت قال : كنت مع
أنس فجاء قهرمانه ، فقال : يا
أبا حمزة ، عطشت أرضنا . قال : فقام
أنس ، فتوضأ وخرج إلى البرية ، فصلى ركعتين ثم دعا ، فرأيت السحاب يلتئم ، ثم مطرت حتى ملأت كل شيء ، فلما سكن المطر بعث
أنس بعض أهله فقال : انظر أين بلغت السماء ، فنظر فلم تعد أرضه إلا يسيرا .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
معاذ بن معاذ ، ثنا
ابن عون ، عن
محمد قال : كان
أنس إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ففرغ منه قال : أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال الأنصاري ، عن
ابن عون ، عن
محمد قال : بعث
[ ص: 453 ] أمير من الأمراء إلى
أنس شيئا من الفيء ، فقال : أخمس؟ قال : لا . فلم يقبله .
وقال
النضر بن شداد ، عن أبيه : مرض
أنس ، فقيل له : ألا ندعو لك الطبيب؟ فقال : الطبيب أمرضني .
وقال
حنبل بن إسحاق : ثنا
أبو عبد الله الرقاشي ، ثنا
جعفر بن سليمان ، ثنا
علي بن يزيد ، قال : كنت في القصر مع
الحجاج وهو يعرض الناس ليالي
ابن الأشعث ، فجاء
أنس بن مالك فقال
الحجاج : هي يا خبيث ، جوال في الفتن ، مرة مع
علي ، ومرة مع
ابن الزبير ، ومرة مع
ابن الأشعث ، أما والذي نفس
الحجاج بيده لأستأصلنك كما تستأصل الصمغة ، ولأجردنك كما يجرد الضب . قال : يقول
أنس : من يعني الأمير؟ قال : إياك أعني ، أصم الله سمعك . قال : فاسترجع
أنس ، وشغل
الحجاج ، فخرج
أنس فتبعناه إلى
الرحبة ، فقال : لولا أني ذكرت ولدي وخفته عليهم لكلمته بكلام في مقامي هذا لا يستحييني بعده أبدا .
وقد ذكر أبو
nindex.php?page=showalam&ids=11948بكر بن عياش أن
أنسا بعث إلى
عبد الملك يشكو إليه
الحجاج ، ويقول في كتابه : إني خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، والله لو أن
[ ص: 454 ] اليهود والنصارى أدركوا رجلا خدم نبيهم لأكرموه . وذكر له أذية
الحجاج له ، فلما قرأ
عبد الملك كتابه حصل عنده أمر عظيم ، فكتب إليه يقول : ويلك ، لقد خشيت أن لا يصلح على يدي أحد . وذكر له كلاما فيه غلظة ، ويقول فيه : إذا جاءك كتابي فقم إلى
أنس ، واعتذر له . فجاء كتاب
عبد الملك إلى
الحجاج بالغلظة في ذلك ، فهم أن ينهض إلى
أنس ، فأشار
إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر الذي قدم بالكتاب أن لا يذهب إلى
أنس ، وأشار على
أنس أن يبادر إلى
الحجاج بالمصالحة وكان
إسماعيل صديق
الحجاج فجاء
أنس ، فقام إليه
الحجاج يتلقاه ، وقال : إنما مثلي ومثلك ، كما قيل : إياك أعني واسمعي يا جارة . أردت أن لا يبقى لأحد علي منطق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : كتب
عبد الملك إلى
الحجاج لما قال
لأنس ما قال : يا ابن المستفرمة بحب الزبيب ، لقد هممت أن أركلك ركلة تهوي بها إلى نار
[ ص: 455 ] جهنم ، قاتلك الله أخيفش العينين ، أقيبل الرجلين ، أسود الجاعرتين . ومعنى قوله : المستفرمة بحب الزبيب ، أي : تضيق فرجها عند الجماع به . ومعنى : أركلك ، أي : أرفسك برجلي . وسيأتي بسط ذلك في ترجمة
الحجاج في سنة خمس وتسعين .
وقال
أحمد بن صالح العجلي : لم يبتل أحد من الصحابة إلا رجلين;
معيقيب كان به الجذام ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك; كان به وضح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي : عن
سفيان بن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
أبي جعفر قال : رأيت
أنسا يأكل ، فرأيته يلقم لقما عظاما ، ورأيت به وضحا شديدا .
وقال
أبو يعلى : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16526عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، ثنا أبي ، ثنا
عمران ، عن
أيوب قال : ضعف
أنس عن الصوم فصنع جفنة من ثريد ،
[ ص: 456 ] ودعا ثلاثين مسكينا فأطعمهم ، وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تعليقا . وقال
شعبة ، عن
موسى السنبلاني ، قلت
لأنس : أنت آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : قد بقي قوم من الأعراب ، فأما من أصحابه فأنا آخر من بقي .
وقيل له في مرضه : ألا ندعو لك طبيبا؟ فقال : الطبيب أمرضني . وجعل يقول : لقنوني لا إله إلا الله . وهو محتضر ، فلم يزل يقولها حتى قبض ، وكانت عنده عصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فدفنت معه .
قال
عمر بن شبة وغير واحد : مات وله مائة وسبع سنين . وقال الإمام
أحمد في مسنده : ثنا
معتمر بن سليمان ، عن
حميد ، أن
أنسا عمر مائة سنة غير سنة .
قال
الواقدي : وهو
آخر من مات من الصحابة بالبصرة ، وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني nindex.php?page=showalam&ids=14923والفلاس وغير واحد .
وقد اختلف المؤرخون في سنة وفاته; فقيل : سنة تسعين . وقيل : إحدى وتسعين . وقيل : ثنتين وتسعين . وقيل : ثلاث وتسعين . وهذا هو المشهور ، وعليه الجمهور ، والله أعلم .
[ ص: 457 ] وقال الإمام
أحمد : حدثني
أبو نعيم قال : توفي
أنس بن مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد في جمعة واحدة سنة ثلاث وتسعين . وقال
قتادة : لما مات
أنس قال
مورق العجلي : ذهب اليوم نصف العلم . قيل له : وكيف ذاك يا
أبا المعتمر؟ قال : كان الرجل من أهل الأهواء ، إذا خالفونا في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلنا لهم : تعالوا إلى من سمعه منه .
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، الشاعر المشهور
يقال : إنه ولد يوم توفي
عمر بن الخطاب ، وختن يوم مقتل
عثمان ، وتزوج يوم مقتل
علي . فالله أعلم . وكان مشهورا بالتغزل المليح البليغ ، كان يتغزل في امرأة يقال لها :
الثريا بنت علي بن عبد الله الأموية ، وقد تزوجها
سهل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، فقال في ذلك
عمر بن أبي ربيعة :
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت
وسهيل إذا استقل يمان
ومن مستجاد شعره ما أورده
ابن خلكان :
[ ص: 458 ] حي طيفا من الأحبة زارا بعد ما صرع الكرى السمارا
طارقا في المنام تحت دجى اللي ل ضنينا بأن يزور نهارا
قلت ما بالنا جفينا وكنا قبل ذاك الأسماع والأبصارا
قال إنا كما عهدت ولكن شغل الحلي أهله أن يعارا