ذكر من توفي فيها من الأعيان
مروان بن محمد بن مروان بن الحكم أبو عبد الملك الأموي ، آخر خلفاء [ ص: 283 ] بني أمية ، قتل في العشر الأخير من ذي الحجة من هذه السنة ، كما قدمنا ذكره .
ووزيره nindex.php?page=showalam&ids=16314عبد الحميد بن يحيى بن سعد مولى بني عامر بن لؤي الكاتب البليغ الذي يضرب به المثل ، فيقال : فتحت الرسائل بعبد الحميد ، وختمت
nindex.php?page=showalam&ids=12826بابن العميد . وكان إماما في الكتابة وجميع فنونها ، وهو القدوة فيها ، وله رسائل في ألف ورقة ، وأصله من
الأنبار ، ثم سكن
الشام ، وتعلم هذا الشأن من
سالم مولى هشام بن عبد الملك ، وكان
يعقوب بن داود وزير المهدي يكتب بين يديه ، وعليه تخرج ، وكان ابنه
إسماعيل بن عبد الحميد ماهرا في الكتابة أيضا ، وقد كان أولا يعلم الصبيان ، ثم تقلبت به الأحوال حتى وزر
لمروان الجعدي آخر خلفاء
بني أمية ، وأخذ بعده فقتله
السفاح ومثل به ، وكان اللائق بمثله العفو عنه .
ومن مستجاد كلامه : العلم شجرة ، ثمرتها الألفاظ ، والفكر بحر لؤلؤه الحكمة .
ومن كلامه ، ورأى رجلا يكتب خطا رديئا : أطل جلفة قلمك وأسمنها ، وحرف قطتك وأيمنها . قال الرجل : ففعلت ذلك ، فجاد خطي .
[ ص: 284 ] وسأله رجل أن يكتب له كتابا إلى بعض الأكابر يوصيه به ، فكتب إليه : حق موصل كتابي إليك كحقه علي ; إذ رآك موضعا لأمله ، ورآني أهلا لحاجته ، وقد قضيت حاجته ، فصدق أمله .
وكان كثيرا ما ينشد هذا البيت :
إذا جرح الكتاب كان دويهم قسيا وأقلام الدوي لها نبلا
وأبو سلمة حفص بن سليمان أول من وزر
لآل العباس ، قتله
أبو مسلم عن أمر
السفاح بعد ولايته بأربعة أشهر ، وكانت بيعة
السفاح ليلة الجمعة وهي ليلة الثالث عشر من ربيع الآخر من هذه السنة ، فكان مقتله في رجب منها .
وكان داهية فاضلا حسن المفاكهة ، وكان
السفاح يأنس إليه ويحب مسامرته لطيب محاضرته ، ولكن توهم ميله
لآل علي فدس عليه
أبو مسلم من قتله غيلة ، كما تقدم ، فأنشد
السفاح عند ذلك :
إلى النار فليذهب ومن كان مثله على أي شيء فاتنا منه نأسف
، كان يقال له : وزير
آل محمد . ويعرف بالخلال ; لسكناه في درب
[ ص: 285 ] الخلالين
بالكوفة وجلوسه إليهم ، وهو
أول من سمي بالوزير .
وقد حكى
ابن خلكان عن
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة أن اشتقاق الوزير من الوزر ، وهو الحمل ، فكأن السلطان حمله أثقالا لاستناده إلى رأيه ، وقال
الزجاج : هو مشتق من الوزر وهو الجبل ، فكأن السلطان لجأ إلى رأيه كما يلجأ الخائف إلى جبل يعتصم به . والله أعلم .