[ ص: 411 ] ثم دخلت سنة تسع وأربعين ومائة
فيها
فرغ من بناء سور بغداد وخندقها . وفيها
غزا الصائفة العباس بن محمد ، فدخل بلاد الروم ومعه
الحسن بن قحطبة ومحمد بن الأشعث ، ومات
محمد بن الأشعث في الطريق . وفيها
حج بالناس محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي ، وولاه المنصور على مكة والحجاز عوضا عن عمه
عبد الصمد بن علي . وعمال الأمصار فيها هم الذين فيما قبلها .
وفيها توفي
زكريا بن أبي زائدة ، nindex.php?page=showalam&ids=16854وكهمس بن الحسن ، والمثنى بن الصباح ، وعيسى بن عمر أبو عمر الثقفي البصري النحوي شيخ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، يقال : إنه من موالي
خالد بن الوليد ، وإنما نزل في
ثقيف ، فنسب إليهم . كان
[ ص: 412 ] إماما كبيرا جليلا في اللغة والنحو والقراءات ، أخذ ذلك عن
عبد الله بن كثير وابن محيصن وعبد الله بن أبي إسحاق ، وسمع
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وغيرهم ، وعنه
الخليل بن أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه ، ولزمه وعرف به وانتفع به ، وأخذ كتابه الذي صنفه وسماه " الجامع " فزاد عليه وبسطه ، فهو " كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه " اليوم ، وكان يسأل عما أشكل فيه عليه شيخه
الخليل بن أحمد ، وقد سأل
الخليل يوما
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه عما صنف
عيسى بن عمر فقال : جمع بضعا وسبعين كتابا ، ذهبت كلها إلا كتابه " الإكمال " ، وهو
بأرض فارس وكتابه " الجامع " ، وهو الذي أشتغل فيه وأسألك عن غوامضه . فأطرق
الخليل ساعة ثم أنشد :
ذهب النحو جميعا كله غير ما أحدث عيسى بن عمر ذاك إكمال وهذا جامع
وهما للناس شمس وقمر
وقد كان
عيسى يغرب ويتقعر في عبارته جدا ، وقد حكى
الجوهري عنه في الصحاح أنه سقط يوما عن حماره ، فاجتمع عليه الناس فقال : ما لكم تكأكأتم علي تكأكؤكم على ذي جنة؟! افرنقعوا عني . معناه : ما لكم تجمعتم علي تجمعكم على مجنون؟! انكشفوا عني .
وقال غيره : كان به ضيق النفس ، فسقط بسببه ، فاعتقد الناس أنه مصروع ، فجعلوا يعوذونه ويقرءون عليه ، فلما أفاق من غشيته قال ما قال ، فقال
[ ص: 413 ] بعضهم : إن جنيته تتكلم بالفارسية .
وذكر
القاضي ابن خلكان أنه كان صاحبا
nindex.php?page=showalam&ids=12114لأبي عمرو بن العلاء ، وأن
عيسى بن عمر قال يوما
nindex.php?page=showalam&ids=12114لأبي عمرو بن العلاء : أنا أفصح من
معد بن عدنان . فقال له
أبو عمرو : كيف تنشد هذا البيت :
قد كن يخبأن الوجوه تسترا فاليوم حين بدأن للنظار
أو " بدين " ؟ فقال : بدين . فقال
أبو عمرو : أخطأت . ولو قال : بدأن . لأخطأ أيضا ، وإنما أراد
أبو عمرو تغليطه ، وإنما الصواب : بدون ، من بدا يبدو إذا ظهر . وبدأ يبدأ إذا شرع في الشيء .