[ ص: 421 ] ثم دخلت سنة إحدى وخمسين ومائة
فيها
عزل الخليفة المنصور عمر بن حفص عن السند ، وولى عليها
هشام بن عمرو التغلبي ، وكان سبب عزله
عمر بن حفص عن
السند أن
محمد بن عبد الله بن حسن لما ظهر كان بعث ابنه
عبد الله الملقب
بالأشتر ومعه جماعة بهدية; خيول عتاق إلى
عمر بن حفص بالسند ، فقبلها ، فدعوه إلى دعوة
محمد بن عبد الله بن حسن في السر ، فأجابهم إلى ذلك وبايع له من استطاع من الأمراء سرا ، فأجابوا إلى ذلك أيضا ، ولبسوا البياض . فلما جاء الخبر بمقتل
محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة أسقط في يد
عمر بن حفص وأصحابه ، وأخذ في الاعتذار إلى
عبد الله بن محمد ، فقال له
عبد الله : إني أخشى على نفسي . فقال : إني سأبعثك إلى ملك من المشركين في جوار أرضنا ، وإنه من أشد الناس تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنه متى عرفك أنك من سلالته أحبك . فأجابه إلى ذلك ، وصار
عبد الله بن محمد إلى ذلك الملك ، فكان عنده آمنا ، وصار
عبد الله يركب في موكب من الناس ، ويتصيد في جحفل من الجنود ، وانضم إليه ووفد عليه طوائف من
الزيدية .
وأما
المنصور فإنه بعث يعتب على
عمر بن حفص نائب
السند ، فقال رجل من الأمراء : ابعثني إليه ، واجعل القضية مسندة إلي ، فإني سأعتذر إليه من ذلك ،
[ ص: 422 ] فإن سلمت وإلا كنت فداءك وفداء من عندك من الأمراء . فأرسله سفيرا في القضية ، فلما وقف بين يدي الخليفة أمر بضرب عنقه ، وكتب إلى
عمر بن حفص بعزله عن
السند ، وولاه بلاد
إفريقية عوضا عن أميرها . ولما وجه
المنصور هشام بن عمرو إلى
السند أمره أن يجتهد في تحصيل
عبد الله بن محمد ، فجعل يتوانى في ذلك ، فبعث إليه
المنصور يستحثه في ذلك ، ثم اتفق أن
سفنجا أخا
هشام بن عمرو لقي
عبد الله بن محمد في بعض الأماكن ، فاقتتلوا فقتل
عبد الله وأصحابه جميعا ، واشتبه عليهم مكانه في القتلى ، فلم يقدروا عليه . فكتب
هشام بن عمرو إلى
المنصور يعلمه بقتله ، فبعث يشكره على ذلك ويأمره بقتال الملك الذي آواه ، ويعلمه أن
عبد الله كان قد تسرى بجارية هنالك ، وأولدها ولدا أسماه
محمدا ، فإذا ظفرت بالملك فاحتفظ بالغلام . فنهض
هشام بن عمرو إلى ذلك الملك ، فقاتله فغلبه وقهره على بلاده وأمواله وحواصله ، وبعث بالفتح والأخماس وبذلك الغلام إلى
المنصور ، ففرح
المنصور بذلك ، وبعث بذلك الغلام إلى
المدينة ، وكتب إلى نائبها يعلمه بصحة نسبه ، ويأمره بأن يلحقه بأهله يكون عندهم لئلا يضيع نسبه ، فهو الذي يقال له :
أبو الحسن ابن الأشتر .
وفي هذه السنة قدم
المهدي على أبيه من بلاد
خراسان ، فتلقاه أبوه والأمراء والأكابر إلى أثناء الطريق ، وقدم نواب البلاد من
الشام وغيرها للسلام عليه وتهنئته بالسلامة والنصر .