بناء الرافقة المدينة المشهورة
وفيها أمر
المنصور ولده
المهدي ببناء
الرافقة على منوال بناء
بغداد ، ففعل ذلك هذه السنة المباركة .
وفيها أمر
المنصور ببناء سور ، وعمل خندق حول
الكوفة ، وأخذ ما غرم على ذلك من أموال أهلها; من كل إنسان من ذوي اليسار أربعين درهما . وكان قد فرضها أولا خمسة دراهم ، وجبيت أربعين أربعين ، فقال في ذلك بعضهم :
[ ص: 436 ] يا لقومي ما لقينا من أمير المؤمنينا قسم الخمسة فينا
وجبانا الأربعينا
وفيها
غزا الصائفة يزيد بن أسد السلمي .
وفيها
طلب ملك الروم الصلح من
nindex.php?page=showalam&ids=15337أبي جعفر المنصور على أن يحمل إلى
المنصور الجزية .
وفيها عزل
المنصور أخاه
العباس بن محمد عن
الجزيرة ، وغرمه أموالا كثيرة .
وفيها
عزل محمد بن سليمان بن علي عن إمرة الكوفة ، فقيل : لأمور بلغته عنه في تعاطي منكرات وأمور لا تليق بالعمال . وقيل : لقتله
عبد الكريم بن أبي العوجاء . وقد كان
ابن أبي العوجاء هذا زنديقا ، يقال : إنه لما أمر بضرب عنقه اعترف على نفسه بوضع أربعة آلاف حديث يحل فيها الحرام ، ويحرم فيها الحلال ، ويصوم الناس في يوم الفطر ، ويفطرهم في أيام الصيام ، فأراد
المنصور أن يجعل قتله له ذنبا ، فعزله به ، وأراد أن يقيده منه ، فقال له
عيسى بن علي : يا أمير المؤمنين ، لا تعزله بهذا ، فإنه إنما قتله على الزندقة ، ومتى عزلته بهذا شكرته العامة وذموك . فتركه حينا ، ثم عزله عن
الكوفة بعد ذلك ، وولى عليها
عمرو بن زهير .
وفيها عزل
المنصور عن
المدينة الحسن بن زيد ، وولى عليها عمه
عبد الصمد بن علي ، وجعل معه
فليح بن سليمان مشرفا عليه .
[ ص: 437 ] وعلى إمرة
مكة محمد بن إبراهيم بن محمد ، وعلى
الكوفة عمرو بن زهير ، وعلى
البصرة الهيثم بن معاوية ، وعلى
مصر محمد بن سعيد ، وعلى
إفريقية يزيد بن حاتم .
وفيها توفي
nindex.php?page=showalam&ids=16230صفوان بن عمرو ، وعثمان بن أبي العاتكة الدمشقيان ،
وعثمان بن عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=17074ومسعر بن كدام .
nindex.php?page=showalam&ids=15740وحماد الراوية
، وهو
ابن أبي ليلى ميسرة - ويقال :
سابور - بن المبارك بن عبيد الديلمي الكوفي ، مولى
مكنف بن زيد الخيل الطائي ، كان من أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها ولغاتها ، وهو الذي جمع السبع المعلقات الطوال ، وإنما سمي الراوية; لكثرة روايته الشعر عن العرب ، اختبره
nindex.php?page=showalam&ids=15501الوليد بن يزيد بن عبد الملك أمير المؤمنين فأنشدهم تسعا وعشرين قصيدة على حروف المعجم ، كل قصيدة نحو من مائة بيت ، وزعم أنه لا يسمى شاعر من شعراء العرب إلا أنشد له ما لا
[ ص: 438 ] يحفظه غيره ، فأطلق له مائة ألف درهم .
وذكر
أبو محمد الحريري في كتابه " درة الغواص " ، أن
هشام بن عبد الملك استدعاه من
العراق من نائبه
يوسف بن عمر ، فلما دخل عليه إذا هو في دار قوراء مرخمة بالرخام والذهب ، وإذا عنده جاريتان حسناوان جدا ، فاستنشده شيئا فأنشده ، فقال له : سل حاجتك . فقال : كائنة ما كانت يا أمير المؤمنين؟ فقال : وما هي؟ قال : تطلق لي إحدى هاتين الجاريتين . فقال : هما لك وما عليهما . وأخلاه في بعض داره ، وأطلق له ألف درهم . هذا ملخص الحكاية ، والظاهر أن هذا الخليفة إنما هو
الوليد بن يزيد ، فإنه ذكر أنه شرب معه ،
وهشام لم يكن يشرب ، ولم يكن نائبه على
العراق يوسف بن عمر ، وإنما كان
nindex.php?page=showalam&ids=14998خالد بن عبد الله القسري ، وبعده
يوسف بن عمر . وكانت وفاة
حماد في هذه السنة عن ستين سنة .
قال
ابن خلكان وقيل : إنه أدرك أول خلافة
المهدي في سنة ثمان وخمسين . فالله أعلم .
وفيها قتل
حماد عجرد على الزندقة ، وهو
حماد بن عمر بن يوسف بن كليب الكوفي ، ويقال : إنه واسطي . مولى
بني سواءة ، وكان شاعرا ماجنا ظريفا خليعا ، لكنه كان متهما على الإسلام ، وقد أدرك الدولتين الأموية
[ ص: 439 ] والعباسية ، ولكنه ما اشتهر إلا في أيام
بني العباس ، وكان بينه وبين
بشار بن برد مهاجاة كثيرة ، ولما قتل بشار على الزندقة أيضا ، دفن معه في قبره ، وقيل : إن
حماد عجرد مات سنة ثمان وخمسين . وقيل : سنة إحدى وستين ومائة . فالله أعلم .