وهذا ذكر شيء من
ترجمة الأوزاعي رحمه الله
هو
nindex.php?page=showalam&ids=13760عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد أبو عمرو الأوزاعي .
والأوزاع بطن من
حمير ، وهو من أنفسهم ، قاله
محمد بن سعد . وقال غيره : لم يكن من أنفسهم ، وإنما نزل في محلة الأوزاع ، وكانت قرية خارج
باب [ ص: 444 ] الفراديس من
دمشق ، وهو ابن عم
يحيى بن أبي عمرو السيباني . قال
أبو زرعة : وأصله من سباء
السند فنزل
الأوزاع ، فغلب عليه النسبة إليها . وقال غيره : ولد ببعلبك ، ونشأ بالبقاع يتيما في حجر أمه ، وكانت تنتقل به من بلد إلى بلد ، وتأدب بنفسه ، فلم يكن في أبناء الملوك والوزراء أعقل منه ، ولا أورع ، ولا أعلم ، ولا أفصح ، ولا أوقر ، ولا أحلم ، ولا أكثر صمتا منه ، وما تكلم بكلمة إلا كان المتعين على من يجالسه أن يكتبها; من حسنها ، وكان يعاني الرسائل والكتابة .
وقد اكتتب في بعث إلى
اليمامة ، فسمع الحديث من
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، وانقطع إليه ، فأرشده إلى الرحلة إلى
البصرة ليسمع من
الحسن وابن سيرين ، فسار إليها فوجد
الحسن قد توفي من شهرين ، ووجد
ابن سيرين مريضا ، فجعل يتردد لعيادته ، فقوي المرض به ، ومات ولم يسمع منه
الأوزاعي شيئا ، وجاء فنزل
دمشق بمحلة الأوزاع خارج
باب الفراديس ، وساد أهلها في زمانه وسائر البلاد في الفقه والحديث والمغازي وعلوم الإسلام . وقد أدرك خلقا من التابعين وغيرهم ، وحدث عنه جماعات من سادات المسلمين ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867كمالك بن أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وهو من شيوخه .
وأثنى عليه غير واحد من الأئمة ، وأجمع المسلمون على عدالته وإمامته; قال
[ ص: 445 ] مالك : كان
الأوزاعي إماما يقتدى به .
وقال
سفيان بن عيينة وغيره : كان إمام أهل زمانه .
وقد حج مرة ، فدخل
مكة nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري آخذ بزمام جمله ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك يسوق به ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري يقول : افسحوا للشيخ .
وقد تذاكر
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي بالمدينة من الظهر حتى صليا العصر ، ومن العصر حتى صليا المغرب ، فغمره
الأوزاعي في المغازي ، وغمره
مالك في الفقه .
وتناظر هو
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري في
مسجد الخيف في مسألة رفع اليدين في الركوع والرفع منه ، فاحتج
الأوزاعي بما رواه عن
الزهري ، عن
سالم عن أبيه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512699أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الركوع والرفع منه ، واحتج
الثوري على ذلك بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد ، فغضب
الأوزاعي وقال : أتعارض حديث
الزهري بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد وهو رجل ضعيف؟! فاحمار وجه
الثوري ، فقال
الأوزاعي : لعلك كرهت ما قلت؟ قال : نعم . قال : فقم بنا حتى نلتعن عند الركن أينا على الحق . فسكت
الثوري .
[ ص: 446 ] وقال
هقل بن زياد : أفتى
الأوزاعي في سبعين ألف مسألة .
وقال
أبو زرعة : روي عنه ستون ألف مسألة .
وقال غيرهما : أفتى في سنة ثلاث عشرة ومائة ، وعمره إذ ذاك خمس وعشرون سنة ، ثم لم يزل يفتي حتى مات .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان عن
مالك : اجتمع عندي
الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة . فقلت : أيهم أرجح؟ قال :
الأوزاعي .
وقال
محمد بن عجلان : ما رأيت أحدا أنصح للمسلمين من
الأوزاعي .
وقال غيره : ما رئي
الأوزاعي ضاحكا مقهقها قط ، ولقد كان يعظ الناس فلا يبقى أحد في مجلسه إلا بكى بعينه أو بقلبه ، وما رأيناه يبكي في مجلسه قط .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : العلماء أربعة;
الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي .
[ ص: 447 ] nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ثقة ، وليس هو في
الزهري بذاك . أخذ كتاب
الزبيدي عن
الزهري . وما أقل ما رواه عن
الزهري .
قال
أبو حاتم : كان ثقة متبعا لما سمع . قالوا : وكان
الأوزاعي لا يلحن في كلامه ، وكانت كتبه ترد على
المنصور ، فينظر فيها ويتأملها ، ويتعجب من فصاحتها وحلاوتها ، فقال يوما لأحظى كتابه عنده وهو
سليمان بن مجالد : ينبغي أن تجيب
الأوزاعي عن كتبه . فقال : والله يا أمير المؤمنين ، لا يقدر أحد من أهل الأرض على ذلك ، وإنا لنستعين بكلامه فيما نكاتب به أهل الآفاق ممن لا يعرف كلام
الأوزاعي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم : كان
الأوزاعي إذا صلى الصبح جلس يذكر الله سبحانه وتعالى حتى تطلع الشمس ، ويأثر عن السلف ذلك . قال : ثم يقومون فيتذاكرون في الفقه والحديث .
وعن
الأوزاعي أنه قال : رأيت رب العزة في المنام ، فقال : أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فقلت : بفضلك يا رب . قلت : يا رب أمتني على الإسلام . فقال : وعلى السنة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16976محمد بن شعيب بن شابور : قال لي شيخ
بجامع دمشق : أنا ميت
[ ص: 448 ] في يوم كذا وكذا . فلما كان ذلك اليوم رأيته في صحن الجامع يتفلى ، فقال لي : اذهب إلى سرير الموتى فأحرزه لي عندك قبل أن تسبق إليه . فقلت : ما تقول؟! فقال : هو ما أقول لك; إني رأيت كأن قائلا يقول : فلان قدري ، وفلان كذا ،
وعثمان بن أبي العاتكة نعم الرجل ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760وأبو عمرو الأوزاعي خير من يمشي على وجه الأرض ، وأنت ميت في يوم كذا وكذا . قال
محمد بن شعيب : فما جاء الظهر حتى مات ، وصلي عليه بعدها ، وأخرجت جنازته . رواها
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر .
وكان
الأوزاعي ، رحمه الله كثير العبادة ، حسن الصلاة ، وكان يقول : من أطال القيام في صلاة الليل هون الله عليه طول القيام يوم القيامة . وكأنه أخذ ذلك من القرآن ، وهو قوله تعالى :
ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا [ الإنسان : 26 ، 27 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم : ما رأيت أحدا أشد اجتهادا من
الأوزاعي في العبادة .
وقال غيره : حج فما نام على الراحلة ، إنما هو في صلاة ، فإذا نعس استند إلى القتب . وقال غيره : كان من شدة الخشوع كأنه أعمى .
ودخلت امرأة على
امرأة الأوزاعي ، فرأت الحصير الذي يصلي عليه مبلولا ،
[ ص: 449 ] فقالت لها : لعل الصبي بال هاهنا . فقالت : لا ، هذا من أثر دموع الشيخ في سجوده ، وهكذا يصبح كل يوم .
وقال
الأوزاعي : عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ، وإياك ورأي الرجال وإن زخرفوه بالقول; فإن الأمر ينجلي وأنت منه على طريق مستقيم .
وقال أيضا : اصبر على السنة ، وقف حيث وقف القوم ، وقل ما قالوا ، وكف عما كفوا ، وليسعك ما وسعهم .
وكان يقول : العلم ما جاء عن أصحاب
محمد ، وما لم يجئ عنهم فليس بعلم .
وكان يقول : لا يجتمع حب
علي وعثمان إلا في قلب مؤمن . وإذا أراد الله بقوم شرا فتح عليهم باب الجدل وسد عنهم باب العمل .
قالوا : وقد كان من أكرم الناس وأسخاهم ، وكان له في بيت المال على الخلفاء إقطاع ، فصار إليه من
بني أمية ، وبني العباس نحو من سبعين ألف دينار ، فلم يقتن منها شيئا ، ولا ترك يوم مات سوى سبعة دنانير ، كان ينفقها في سبيل الله وفي الفقراء .
[ ص: 450 ] ولما دخل
عبد الله بن علي دمشق ، وسلب الملك من
بني أمية تطلب
الأوزاعي ، فتغيب عنه ثلاثة أيام ، ثم أحضر بين يديه . قال : دخلت عليه وهو على سرير وفي يده خيزرانة ، والمسودة عن يمينه وشماله ، معهم السيوف مصلتة والعمد الحديد ، فسلمت فلم يرد ، ونكت بتلك الخيزرانة التي في يده ، ثم قال : يا
أوزاعي ، ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة أرباط هو ؟ قال : فقلت : أيها الأمير ، سمعت
يحيى بن سعيد الأنصاري يقول : سمعت
محمد بن إبراهيم التيمى يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16590علقمة بن وقاص يقول : سمعت
عمر بن الخطاب يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه . قال : فنكت بالخيزرانة أشد مما كان ينكت ، وجعل من حوله يعضون أيديهم ، ثم قال : يا
أوزاعي ، ما تقول في دماء
بني أمية؟ فقلت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث; النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة . فنكت أشد من ذلك ، ثم قال : ما تقول في أموالهم؟ فقلت : إن كانت في أيديهم حراما فهي حرام عليك أيضا ، وإن كانت لهم حلالا فلا تحل لك إلا بطريق شرعي . فنكت أشد مما كان ينكت قبل ذلك ، ثم قال : ألا نوليك القضاء؟ فقلت : إن أسلافك لم يكونوا
[ ص: 451 ] يشقون علي في ذلك ، وإني أحب أن يتم ما ابتدءوني به من الإحسان . فقال : كأنك تحب الانصراف؟ فقلت : إن ورائي حرما ، وهم محتاجون إلى القيام عليهم وسترهم . قال : وانتظرت رأسي أن يسقط بين يدي ، فأمرني بالانصراف ، فلما خرجت إذا رسوله من ورائي ، وإذا معه مائتا دينار ، فقال : يقول لك الأمير : أنفق هذه . قال : فتصدقت بها .
وكان في تلك الأيام الثلاثة صائما طاويا ، فيقال : إن الأمير لما بلغه ذلك عرض عليه الإفطار عنده ، فأبى أن يفطر عنده ، رحمه الله .
قالوا : ثم رحل
الأوزاعي من
دمشق ، فنزل
بيروت مرابطا بأهله وأولاده . قال : وأعجبني فيها أني مررت بقبورها ، فإذا امرأة سوداء ، فقلت لها : أين العمارة يا هنتاه ؟ فقالت : إن أردت العمارة فهي هذه ، وإن كنت تريد الخراب فأمامك . وأشارت إلى البلد ، فعزمت على الإقامة بها .
وقال محمد بن كثير : سمعت
الأوزاعي يقول : خرجت يوما إلى الصحراء ، فإذا رجل من جراد في السماء ، وإذا شخص راكب على جرادة منها وعليه سلاح الحديد ، وكلما قال بيده هكذا مال الجراد مع يده وهو
[ ص: 452 ] يقول : الدنيا باطل باطل باطل ما فيها ، الدنيا باطل باطل باطل ما فيها ، الدنيا باطل باطل باطل ما فيها .
وقال
الأوزاعي : كان عندنا رجل يخرج يوم الجمعة إلى الصيد ولا ينتظر الجمعة ، فخسف ببغلته ، فلم يبق منها إلا أذنها .
وخرج
الأوزاعي يوما من باب
مسجد بيروت ، وهناك دكان فيه ناطف ، وإلى جانبه رجل يبيع البصل وهو يقول : يا أحلى من الناطف . فقال : سبحان الله! ما يرى هذا بالكذب بأسا ؟ .
وقال
الواقدي : قال
الأوزاعي : كنا قبل اليوم نضحك ونلعب ، أما إذ صرنا أئمة يقتدى بنا فينبغي أن نتحفط .
وكتب إلى أخ له : أما بعد ، فقد أحيط بك من كل جانب ، وإنه يسار بك في كل يوم وليلة ، فاحذر الله والقيام بين يديه ، وأن يكون آخر عهدك به ، والسلام .
وقال
ابن أبي الدنيا : حدثني
محمد بن إدريس ، سمعت
أبا صالح كاتب [ ص: 453 ] الليث يذكر عن
الهقل بن زياد ، عن
الأوزاعي ، أنه وعظ فقال في موعظته : أيها الناس ، تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة ، التي تطلع على الأفئدة ، فإنكم في دار الثواء فيها قليل ، وأنتم فيها مرحلون ، خلائف بعد القرون التي استقبلوا من الدنيا أنفها وزهرتها ، فهم كانوا أطول منكم أعمارا وأمد أجساما ، وأعظم آثارا ، فخددوا الجبال وجابوا الصخور ، ونقبوا في البلاد ، مؤيدين ببطش شديد ، وأجساد كالعماد ، فما لبثت الأيام والليالي أن طوت مدتهم وعفت آثارهم ، وأخربت منازلهم ، وأنست ذكرهم ، فما تحس منهم من أحد ولا تسمع لهم ركزا ، كانوا بلهو الأمل آمنين ، ولميقات يوم غافلين ، أو لصباح قوم نادمين ، ثم إنكم قد علمتم الذي نزل بساحتهم بيانا من عقوبة الله ، فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين ، وأصبح الباقون ينظرون في آثار نقمه ، وزوال نعمه ، ومساكن خاوية ، وفيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ، وعبرة لمن يخشى ، وأصبحتم من بعدهم في أجل منقوص ، ودنيا مقبوضة ، في زمان قد ولى عفوه ، وذهب رخاؤه ، فلم يبق منه إلا حمة شر ، وصبابة كدر ، وأهاويل غير ، وعقوبات عبر ، وإرسال فتن ، وتتابع زلازل ، ورذالة خلف ، بهم ظهر الفساد في البر والبحر ، فلا تكونوا أشباها لمن
[ ص: 454 ] خدعه الأمل ، وغره طول الأجل ، وتبلغ بالأماني ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن وعى نذره وانتهى ، وعقل مثواه فمهد لنفسه .
وقد اجتمع
الأوزاعي بالمنصور حين دخل
الشام ووعظه ، وأحبه
المنصور وعظمه ، ولما أراد الانصراف استأذنه في أن لا يلبس
السواد فأذن له ، فلما خرج قال
المنصور للربيع الحاجب : الحقه فسله لم كره لبس السواد؟ ولا تخبره أني قلت لك . فسأله
الربيع فقال : لأني لم أر محرما أحرم فيه ، ولا ميتا كفن فيه ، ولا عروسا جليت فيه ، فلهذا أكرهه .
وقد كان
الأوزاعي في
الشام معظما مكرما ، أمره أعز عندهم من أمر السلطان ، وهم به بعض الولاة ، فقال له أصحابه : دعه عنك فوالله لو أمر الشاميين أن يقتلوك لقتلوك .
ولما مات جلس عند قبره بعض الولاة فقال : رحمك الله ، فوالله لقد كنت أخاف منك أكثر مما أخاف من الذي ولاني . وقد قال
أبو مسهر : ما مات
الأوزاعي حتى جلس وحده ، وسمع شتمه بأذنه .
وقال
أبو خيثمة : حدثنا
محمد بن عبيد الطنافسي قال : كنت جالسا
[ ص: 455 ] عند
الثوري ، فجاءه رجل ، فقال : رأيت كأن ريحانة من المغرب قلعت . قال : إن صدقت رؤياك فقد مات
الأوزاعي . فكتبوا ذلك ، فجاء موت
الأوزاعي في ذلك اليوم أو في تلك الليلة .
وقال
أبو مسهر : بلغنا أن سبب موت
الأوزاعي أن امرأته أغلقت عليه باب حمام ، فمات فيه ، ولم تكن عامدة لذلك ، فأمرها
سعيد بن عبد العزيز بعتق رقبة . قال : وما خلف ذهبا ولا فضة ولا عقارا ولا متاعا ، إلا ستة دنانير فضلت من عطائه . وكان قد اكتتب في ديوان الساحل .
وقال غيره : كان الذي أغلق عليه باب الحمام صاحب الحمام ، وذهب إلى حاجة ، ثم جاء ففتح الحمام ، فوجده ميتا قد وضع يده اليمنى تحت خده وهو مستقبل القبلة ، رحمه الله .
قلت : لا خلاف أنه مات
ببيروت مرابطا ، واختلفوا في سنة وفاته; فروى
يعقوب بن سفيان عن
سلمة قال : قال
أحمد : قال
يحيى : رأيت
الأوزاعي ، وتوفي سنة خمسين ومائة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم : سنة ست وخمسين ومائة .
[ ص: 456 ] وقال
العباس بن الوليد البيروتي : أخبرني أبي قال : توفي يوم الأحد ، أول النهار لليلتين بقيتا من صفر ، سنة سبع وخمسين ومائة . وهو الذي عليه الجمهور ، وهو الصحيح ، وهو قول
أبي مسهر ، nindex.php?page=showalam&ids=17246وهشام بن عمار ، nindex.php?page=showalam&ids=15500والوليد بن مسلم - في أصح الروايات عنه -
nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين ، nindex.php?page=showalam&ids=15863ودحيم ، nindex.php?page=showalam&ids=15835وخليفة بن خياط ، وأبي عبيد ، وسعيد بن عبد العزيز وغير واحد .
قال
العباس بن الوليد : ولم يبلغ سبعين سنة .
قلت : وقال غيره : جاوز السبعين . والصحيح تسع وستون سنة; لأنه كان ميلاده في سنة ثمان وثمانين على الصحيح . وقيل : إنه ولد سنة ثلاث وتسعين ، وهذا ضعيف .
وقد رآه بعضهم في المنام ، فقال له : دلني على عمل يقربني إلى الله . فقال : ما رأيت في الجنة درجة أعلى من درجة العلماء ، ثم المحزونين .