ذكر
خلافة المهدي ابن المنصور
لما مات أبوه
المنصور بمكة لست - وقيل : لسبع - مضين من ذي الحجة من سنة ثمان وخمسين ومائة ، أخذت له البيعة
بمكة من رءوس
بني هاشم والقواد الذين هم مع
المنصور في الحج قبل دفنه ، وبعث بالبيعة وبالبردة والقضيب مع البريد إلى
المهدي وهو
ببغداد ، فوصله البريد يوم الثلاثاء للنصف من ذي الحجة ، فسلم عليه بالخلافة ، وأعطاه الكتب بالبيعة ، وبايعه أهل
مدينة السلام ، ونفذت البيعة إلى سائر الآفاق والأقاليم ، وقد كان ولي العهد من بعد أبيه .
وذكر
ابن جرير أن
المنصور قبل وفاته بيوم تحامل وتساند ، واستدعى
[ ص: 475 ] بالأمراء ، فجدد لهم البيعة لابنه
المهدي ، فتسارعوا إلى ذلك وتبادروا إليه .
وحج بالناس في هذه السنة
إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن وصية عمه إليه في ذلك ، وهو الذي صلى عليه ، وقيل : إن الذي صلى على
المنصور عيسى بن موسى ولي العهد من بعد
المهدي . والصحيح الأول; لأنه كان نائب
مكة والطائف .
وعلى إمرة
المدينة عبد الصمد بن علي ، وعلى
الكوفة عمرو بن زهير الضبي ، أخو المسيب بن زهير أمير الشرطة للخليفة ، وعلى
خراسان حميد بن قحطبة ، وعلى خراج
البصرة وأرضها
عمارة بن حمزة ، وعلى صلاتها وقضائها
عبيد الله بن الحسن العنبري ، وعلى أحداثها
سعيد بن دعلج .
قال
الواقدي : وأصاب الناس في هذه السنة وباء شديد . فتوفي فيه خلق كثير وجم غفير ، منهم
أفلح بن حميد ، وحيوة بن شريح ، ومعاوية بن صالح بمكة ، وزفر بن الهذيل بن قيس بن سليم بن قيس بن مكمل بن ذهل بن ذؤيب بن جذيمة بن عمرو بن حنجود بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم بن [ ص: 476 ] مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان التميمي العنبري الكوفي الفقيه الحنفي . أقدم أصحاب
أبي حنيفة وفاة ، وأكثرهم استعمالا للقياس ، وكان عابدا اشتغل أولا بعلم الحديث ، ثم غلب عليه الفقه والقياس . ولد سنة ست عشرة ومائة ، وتوفي سنة ثمان وخمسين عن ثنتين وأربعين سنة ، رحمه الله .