[ ص: 553 ] خلافة موسى الهادي ابن المهدي
توفي أبوه في المحرم من أول سنة تسع وستين ومائة ، وكان ولي العهد من بعد أبيه ، لكن كان أبوه قد عزم على تقديم أخيه
nindex.php?page=showalam&ids=14370هارون الرشيد عليه في ولاية العهد ، فلم يتفق ذلك حتى مات أبوه
بماسبذان في شهر الله المحرم ، وكان
الهادي إذ ذاك
بجرجان ، فهم بعض الدولة منهم;
الربيع الحاجب وطائفة من القواد على تقديم
الرشيد عليه والمبايعة له ، وكان حاضرا
ببغداد ، وعزموا على النفقة في الجند لذلك تنفيذا لما رامه
المهدي من ذلك . فأسرع
الهادي السير من
جرجان إلى
بغداد حين بلغه الخبر ، فساق منها إليها في عشرين يوما فدخل
بغداد وقام في الناس خطيبا ، وأخذ البيعة منهم فبايعوه ، وتغيب
الربيع الحاجب ، فتطلبه
الهادي حتى حضر بين يديه ، فعفا عنه وأحسن إليه ، وأقره على وظيفة الحجوبية ، وزاده الوزارة وولايات أخر ، وشرع
الهادي في تطلب الزنادقة من الآفاق ، فقتل منهم طائفة كثيرة ، واقتدى في ذلك بأبيه ، وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=15444موسى الهادي من أفكه الناس مع أصحابه في الخلوة ، فإذا جلس في مقام الخلافة لا يستطيعون النظر إليه; لما يعلوه من المهابة والرياسة ، وكان شابا حسنا وقورا مهيبا .
وفي هذه السنة - أعني
سنة تسع وستين ومائة - خرج بالمدينة الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وذلك أنه أصبح
[ ص: 554 ] يوما وقد لبس البياض ، وجلس في
المسجد النبوي ، وجاء الناس إلى الصلاة فلما رأوه ولوا راجعين ، والتف عليه جماعة ، فبايعوه على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والرضا من أهل البيت . وكان سبب خروجه أن متوليها خرج منها إلى
بغداد لتلقي أمير المؤمنين وتهنئته بالولاية ، وتعزيته في أبيه
المهدي ، فجرت أمور اقتضت أن خرج
حسين هذا ، والتف عليه جماعة ، وجعلوا مأواهم
المسجد النبوي ، ومنعوا الناس من الصلاة فيه ، ولم يجبه
أهل المدينة ، وجعلوا يدعون عليه لامتهانهم المسجد ، حتى ذكر أنهم كانوا يقذرون في جنبات المسجد ، وقد اقتتلوا مع المسودة مرات ، فقتلوا منهم وقتل منهم ، ثم ارتحل إلى
مكة ، فأقام بها إلى زمن الحج ، فبعث إليه
الهادي جيشا ، فقاتلوه بعد فراغ الناس من الموسم ، فقتلوه وقتلوا طائفة من أصحابه ، وانهزم بقيتهم ، وتفرقوا شذر مذر ، فكان مدة خروجه إلى أن قتل تسعة أشهر وثمانية عشر يوما .
وقد كان كريما من أجود الناس; دخل يوما على
المهدي ، فأطلق له أربعين ألف دينار ، ففرقها في أهله وأصدقائه من
أهل بغداد والكوفة ، وما خرج منها وعليه قميص ، إنما عليه فروة ليس دونها قميص .
وفيها
حج بالناس سليمان ابن أبي جعفر عم الخليفة .
وغزا الصائفة من طريق درب الراهب
معيوف بن يحيى في جحفل كثيف ، وقد أقبلت الروم مع بطريقها فبلغوا
الحدث .