[ ص: 122 ] ثم دخلت سنة ثنتين ومائتين
في أول يوم منها
بويع nindex.php?page=showalam&ids=12367لإبراهيم بن المهدي بالخلافة ببغداد ، وخلع
المأمون فلما كان يوم الجمعة خامس المحرم صعد
إبراهيم بن المهدي المنبر فبايعه الناس ولقب
بالمبارك ، وغلب على
الكوفة وأرض السواد وطلب منه الجند أرزاقهم فماطلهم ثم أعطاهم مائتي درهم لكل واحد ، وكتب لهم بتعويض من أرض السواد فخرجوا لا يمرون بشيء إلا انتهبوه ، وأخذوا حاصل الفلاح والسلطان ، واستناب
إبراهيم على الجانب الشرقي
العباس بن موسى الهادي ، وعلى الجانب الغربي
إسحاق بن موسى الهادي .
وفيها خرج خارجي يقال له
مهدي بن علوان ، فبعث إليهم
إبراهيم جيشا عليهم
أبو إسحاق المعتصم بن الرشيد في جماعة من القواد فكسره ورد كيده ، ولله الحمد .
وفي هذه السنة خرج أخو
أبي السرايا بالكوفة فبيض ، فأرسل إليه
إبراهيم بن المهدي من قاتله ، فقتل أخو
أبي السرايا وأرسل برأسه إلى
إبراهيم . ولما كان ليلة أربع عشرة من ربيع الآخر من هذه السنة ، ظهرت في السماء حمرة ،
[ ص: 123 ] ثم ذهبت وبقي بعدها عمودان أحمران في السماء إلى آخر الليل . وجرت
بالكوفة حروب بين أصحاب
إبراهيم وأصحاب
المأمون واقتتلوا قتالا شديدا وعلى أصحاب
إبراهيم السواد وعلى أصحاب
المأمون الخضرة واستمر القتال بينهم إلى أواخر رجب .
وفي هذه السنة ظفر
إبراهيم بن المهدي بسهل بن سلامة المطوعي فسجنه ، وذلك لأنه التف عليه جماعة من الناس يقومون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولكن كانوا قد جاوزوا الحد وأنكروا على السلطان ، ودعوا إلى القيام بالكتاب والسنة ، وصار باب داره كأنه باب سلطان عليه السلاح والرجال وغير ذلك من أبهة الملك ، فقاتله الجند فكسروا أصحابه ، فألقى السلاح وصار بين النساء والنظارة ، ثم اختفى في بعض الدروب فأخذ وجيء به إلى
إبراهيم فسجنه سنة كاملة .
وفيها أقبل
المأمون من
خراسان قاصدا
العراق ، وذلك أن
علي بن موسى بن جعفر العلوي أخبر
المأمون بما الناس فيه من الفتن والاختلاف بأرض
العراق ، وبأن الهاشميين قد أنهوا إلى الناس بأن
المأمون مسحور ومجنون ، وأنهم قد ينقمون عليك ببيعتك
لعلي بن موسى ، وأن الحرب قائمة بين
الحسن بن [ ص: 124 ] سهل وبين
إبراهيم بن المهدي فاستدعى
المأمون بجماعة من أمرائه ، وأقربائه ، فسألهم عما أخبره به
علي الرضا فصدقوه الأمر ، بعد أخذهم الأمان منه ، وقالوا له : إن
الفضل بن سهل حسن لك قتل
هرثمة ، وقد كان ناصحا لك ، فعاجله فقتله ، وإن
طاهر بن الحسين مهد لك الأمور حتى قاد لك الخلافة بزمامها فطردته إلى
الرقة فقعد لا عمل له ولا تستنهضه في أمر ، وإن الأرض تفتقت بالشرور والفتن من أقطارها . فلما تحقق ذلك
المأمون أمر بالرحيل إلى
بغداد وقد فطن
الفضل بن سهل بما تمالأ عليه أولئك الناصحون
للمأمون ، فضرب قوما ونتف لحى بعضهم .
وسار
المأمون فلما كان
بسرخس عدا قوم على
الفضل بن سهل وزير
المأمون وهو في الحمام فقتلوه بالسيوف ، وذلك يوم الجمعة لليلتين خلتا من شعبان ، وله ستون سنة . فبعث
المأمون في آثارهم فجيء بهم ؛ وهم أربعة من المماليك فقتلهم ، وكتب إلى أخيه
الحسن بن سهل يعزيه فيه ، وولاه الوزارة مكانه . وارتحل
المأمون من
سرخس يوم عيد الفطر نحو
العراق ، nindex.php?page=showalam&ids=12367وإبراهيم بن المهدي بالمدائن ، وفي مقابلته جيش يقاتلونه من جهة
المأمون .
[ ص: 125 ] وفي هذه السنة تزوج
المأمون بوران بنت الحسن بن سهل ، وزوج
علي بن موسى الرضا بابنته
أم حبيب ، وزوج ابنه
محمد بن علي بن موسى بن جعفر بابنته الأخرى
أم الفضل .
وحج بالناس في هذه السنة
إبراهيم بن موسى بن جعفر أخو
علي الرضا ودعا لأخيه بعد
المأمون ثم انصرف بعد الحج إلى
اليمن ، وقد كان تغلب عليها
حمدويه بن علي بن موسى بن ماهان .