[ ص: 333 ] ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين ومائتين
في يوم الأربعاء سابع صفر منها أمر الخليفة
المتوكل على الله بالقبض على محمد بن عبد الملك بن الزيات وزير الواثق ، وكان
المتوكل يبغضه لأمور ; منها أن أخاه
الواثق تغضب عليه في بعض الأوقات وكان
ابن الزيات يزيد
الواثق غضبا على أخيه ، فبقي ذلك في نفسه منه ، ثم كان الذي استرضى
الواثق عليه
أحمد بن أبي دؤاد فحظي لذلك عنده في أيام ملكه ، ومن ذلك أن
ابن الزيات كان قد أشار بخلافة
محمد ابن الواثق بعد أبيه ، ولف عليه الناس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15156وجعفر المتوكل في جنب دار الخلافة ، فلم يتم الأمر إلا
لجعفر المتوكل على الله على رغم أنف
ابن الزيات فلهذا أمر بالقبض عليه سريعا فطلبه ، فركب بعد غدائه يظن أن الخليفة بعث إليه ، فأتت به الرسل إلى دار
إيتاخ أمير الشرطة فاحتيط عليه وقيد ، وبعثوا في الحال إلى داره فأخذ جميع ما كان فيها من الأموال واللآلئ والجواهر والحواصل والجواري والأثاث ، ووجدوا في مجلسه
[ ص: 334 ] الخاص به آلات الشراب ، وبعث الخليفة إلى حواصله وضياعه بسائر الأماكن ، فاحتيط عليها ، وأمر به أن يعذب ; فمنع من الطعام ، وجعلوا يساهرونه ، كلما أراد الرقاد نخس بالحديد ، ثم وضع بعد ذلك كله في تنور من خشب فيه مسامير قائمة في أسفله فأقيم عليها ووكل به من يمنعه من الرقاد ، فمكث كذلك أياما حتى مات وهو كذلك .
ويقال : إنه أخرج من التنور وفيه رمق فضرب على بطنه ثم على ظهره حتى مات وهو تحت الضرب . ويقال : إنه أحرق ثم دفعت جثته إلى أولاده فدفنوه ، فنبشت عليه الكلاب فأكلت لحمه وجلده ، سامحه الله ، وكانت وفاته لإحدى عشرة من ربيع الأول منها .
وكان قيمة ما وجد له من الحواصل نحوا من تسعين ألف ألف دينار ، وقد قدمنا أن
المتوكل سأله عن قتل أخيه
الواثق أحمد بن نصر الخزاعي فقال له : يا أمير المؤمنين ، أحرقني الله بالنار إن كان
الواثق قتله يوم قتله إلا
[ ص: 335 ] وهو كافر . قال
المتوكل : فأنا أحرقته بالنار .
وفي جمادى الأولى منها
فلج أحمد بن أبي دؤاد القاضي المعتزلي ، فلم يزل كذلك حتى مات بعد أربع سنين وهو كذلك ، كما دعا على نفسه كما تقدم . ثم غضب
المتوكل على جماعة من الكتاب والعمال ، وأخذ منهم أموالا جزيلة جدا .
وفيها ولى
المتوكل ابنه
محمدا المنتصر الحجاز واليمن وعقد له على ذلك كله في رمضان منها .
وفيها عمد ملك
الروم ميخائيل بن توفيل إلى أمه
تدورة فأقامها بالشمس وألزمها الدير ، وقتل الرجل الذي اتهمها به ، وكان ملكها ست سنين .
وحج بالناس في هذه السنة
محمد بن داود أمير
مكة حرسها الله وشرفها .