[ ص: 353 ] ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين ومائتين
في ربيع الأول منها
حاصر بغا مدينة تفليس وعلى مقدمته زيرك التركي ، فخرج إليه صاحب
تفليس إسحاق بن إسماعيل فقاتله ، فأسر
إسحاق ، فأمر
بغا بضرب عنقه وصلبه ، وأمر بإلقاء النار في النفط إلى نحو المدينة وكان أكثر بنائها من خشب الصنوبر ، فأحرق أكثرها ، وأحرق من أهلها نحوا من خمسين ألف إنسان ، وطفئت النار بعد يومين ; لأن نار الصنوبر لا بقاء لها ، ودخل الجند فأسروا من بقي من أهلها ، واستلبوهم حتى استلبوا الموتى . ثم سار
بغا إلى مدن أخرى ممن كان يمالئ أهلها مع من قتل نائب
أرمينية يوسف بن محمد بن يوسف ، أخذا بثأره وعقوبة لمن تجرأ عليه .
وفيها
جاءت الفرنج في نحو من ثلاثمائة مركب ، قاصدين ديار مصر من ناحية دمياط فدخلوها فجأة فقتلوا من أهلها خلقا كثيرا ، وحرقوا المسجد الجامع والمنبر ، وأسروا من النساء نحوا من ستمائة امرأة ; من المسلمات مائة وخمسة وعشرون ، والباقيات من نساء القبط ، وأخذوا من الأسلحة والأمتعة
[ ص: 254 ] والمغانم شيئا كثيرا جدا ، وفر الناس منهم في كل جهة فكان من غرق في
بحيرة تنيس أكثر ممن أسروه ، ثم رجعوا على حمية ، ولم يعرض لهم أحد حتى رجعوا بلادهم ، لعنهم الله وقبحهم .
وفي هذه السنة
غزا الصائفة علي بن يحيى الأرمني . وحج بالناس أمير السنة التي قبلها .