[ ص: 437 ] ثم دخلت سنة أربع وأربعين ومائتين
في صفر منها
دخل الخليفة المتوكل إلى مدينة دمشق في أبهة الخلافة ، وكان يوما مشهودا وكان عازما على الإقامة بها وأمر بنقل دواوين الملك إليها ، وأمر ببناء القصور بها فبنيت بطريق داريا ، فأقام بها مدة ، ثم إنه استوخمها ، ورأى أن هواءها بارد ندي ، وماءها ثقيل بالنسبة إلى هواء
العراق ومائه ، ورأى الهواء بها يتحرك من بعد الزوال في زمن الصيف ، فلا يزال في اشتداد وغبار إلى قريب من ثلث الليل ، ورأى كثرة البراغيث بها ، ودخل عليه فصل الشتاء فرأى من كثرة الأمطار والثلوج أمرا عجيبا ، وغلت الأسعار وهو بها ، وانقطعت الأجلاب بسبب كثرة الأمطار والثلوج ، فضجر منها ، فجهز بغا إلى بلاد
الروم ، ثم رجع من آخر السنة إلى
سامرا بعدما أقام
بدمشق شهرين وعشرة أيام ، فالله أعلم .
وفي
هذه السنة أتي المتوكل بالحربة التي كانت تحمل بين يدي رسول الله [ ص: 438 ] صلى الله عليه يوم العيد وغيره ، وقد كانت للنجاشي فوهبها
nindex.php?page=showalam&ids=15للزبير بن العوام ، فوهبها
الزبير للنبي صلى الله عليه وسلم فلما صارت إلى
المتوكل على الله فرح بها فرحا شديدا ، وأمر صاحب الشرطة أن يحملها بين يديه كما كانت تحمل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفيها غضب المتوكل على الطبيب بختيشوع ونفاه وأخذ ماله .
وحج بالناس فيها
عبد الصمد المذكور قبلها .
واتفق في هذه السنة يوم عيد الأضحى ، وعيد الفطر
لليهود وشعانين
للنصارى ، وهذا أمر عجيب غريب .