وممن توفي فيها من الأعيان :
إبراهيم بن سعيد الجوهري .
وسفيان بن وكيع بن الجراح .
وسلمة بن [ ص: 458 ] شبيب .
وأبو عثمان المازني النحوي .
واسمه :
بكر بن محمد بن عثمان البصري ، شيخ النحاة في زمانه . أخذ عن
أبي عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي nindex.php?page=showalam&ids=12020وأبي زيد الأنصاري وغيرهم ، وأخذ عنه
أبو العباس المبرد وأكثر عنه ،
وللمازني مصنفات كثيرة في هذا الشأن ، وكان شبيها بالفقهاء ، ورعا زاهدا ثقة مأمونا .
روى عنه
المبرد أن رجلا من أهل الذمة طلب منه أن يقرأ عليه كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ويعطيه مائة دينار ، فامتنع من ذلك ، فلامه بعض الناس في ذلك ، فقال : إنما تركت هذا لما فيه من آيات الله تعالى . فاتفق بعد هذا أن جارية غنت بحضرة
الواثق :
أظلوم إن مصابكم رجلا رد السلام تحية ظلم
فاختلف من بحضرة
الواثق في إعراب هذا البيت ، وهل يكون " رجلا " مرفوعا أو منصوبا ، وبم نصب ؟ أهو اسم أو ماذا ؟ وأصرت الجارية على أن
المازني حفظها هذا هكذا . قال : فأرسل الخليفة إليه ، فلما مثل بين يديه قال
[ ص: 459 ] له : أنت
المازني ؟ قال : نعم . قال : من
مازن تميم ، أم من
مازن ربيعة ، أم من
مازن قيس ؟ فقلت : من
مازن ربيعة . فأخذ يكلمني بلغتي ، فقال : باسمك ؟ وهم يقلبون الباء ميما والميم باء ، فكرهت أن أقول :
مكر . فقلت :
بكر . فأعجبه إعراضي عن المكر إلى البكر ، وعرف ما أردت . فقال : علام تنصب رجلا ؟ فقلت : لأنه معمول المصدر ; " مصابكم " . فأخذ
اليزيدي يعارضه فعلاه
المازني بالحجة ، فأطلق له الخليفة ألف دينار ، ورده إلى أهله مكرما . فعوضه الله عن المائة دينار لما تركها لله سبحانه ، ولم يمكن الذمي من قراءة الكتاب ; لأجل ما فيه من القرآن ألف دينار ; عشرة أمثالها .
وروى
المبرد عنه قال : أقرأت رجلا كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه إلى آخره ، فلما انتهى قال لي : أما أنت أيها الشيخ ، فجزاك الله خيرا ، وأما أنا ، فوالله ما فهمت منه حرفا .
توفي
المازني في هذه السنة ، وقيل : في سنة ثمان وأربعين ومائتين ، وأغرب من قال : سنة ست وثلاثين . فالله أعلم بالصواب .