[ ص: 540 ] ثم دخلت
سنة ثمان وخمسين ومائتين
في يوم الإثنين لعشر بقين من ربيع الأول عقد الخليفة
المعتمد على الله لأخيه
أبي أحمد على
ديار مضر وقنسرين والعواصم وجلس يوم الخميس مستهل ربيع الآخر ، فخلع على أخيه وعلى
مفلح ، وركبا نحو
البصرة في جيش كثيف في عدد وعدد ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل
مفلح للنصف من جمادى الأولى ، أصابه سهم بلا نصل في صدره ، فأصبح ميتا ، وحملت جثته إلى
سامرا ودفن بها .
وفيها أسر
يحيى بن محمد البحراني ; أحد أمراء صاحب الزنج الكبار ، وحمل إلى
سامرا ، فضرب بين يدي
المعتمد مائتي سوط ، ثم قطعت يداه ورجلاه من خلاف ، ثم خبط بالسيوف ثم ذبح ثم أحرق ، وكان الذين أسروه جيش
أبي أحمد في وقعة هائلة مع الزنج ، قبحهم الله . ولما بلغ خبره صاحب الزنج أسف على ذلك ، ثم قال : لقد خوطبت فيه ، فقيل لي : قتله كان خيرا لك ; لأنه كان شرها يخفي من المغانم خيارها . وقد كان هذا اللعين - أعني صاحب الزنج المدعى إلى غير أبيه يقول لأصحابه : لقد عرضت علي النبوة فخفت أن لا أقوم بأعبائها ، فلم أقبلها .
[ ص: 541 ] وفي ربيع الآخر منها وصل
سعيد بن أحمد الباهلي إلى باب السلطان ، فضرب سبعمائة سوط حتى مات ، ثم صلب .
وفيها قتل قاض وأربعة وعشرون رجلا من أصحاب صاحب الزنج عند
باب العامة بسامرا .
وفيها رجع
محمد بن واصل إلى طاعة السلطان ، وحمل خراج
فارس وتمهدت الأمور هناك ، واستقلت على السداد .
وفي أواخر رجب كانت بين
أبي أحمد وبين الزنج وقعة هائلة ، قتل فيها خلق من الفريقين ، ثم استوخم
أبو أحمد منزله ، فتحيز إلى
واسط فنزلها في أوائل شعبان ، فوقعت هناك زلزلة شديدة وهدة عظيمة ، تهدمت بسبب ذلك دور كثيرة ، ومات من الناس نحو من عشرين ألفا .
وفي هذه السنة وقع في الناس وباء شديد
ببغداد وسامرا وواسط وغيرها من البلاد . وحصل للناس
ببغداد داء يقال له : القفاع . فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفي يوم الخميس لسبع خلون من رمضان ، أخذ رجل من
باب العامة بسامرا ذكر عنه أنه يسب السلف ، فضرب ألف سوط حتى مات .
وفي يوم الجمعة ثامنه توفي
الأمير يارجوخ ، فصلى عليه
أخو الخليفة أبو عيسى وحضره
جعفر بن المعتمد على الله .
وفيها كانت وقعة هائلة بين
موسى بن بغا وبين أصحاب
الحسن بن زيد [ ص: 542 ] ببلاد
خراسان فهزمهم
موسى بن بغا هزيمة فظيعة .
وفيها كانت وقعة بين
مسرور البلخي وبين
مساور الخارجي ، فأسر
مسرور من أصحابه جماعة كثيرة .
وفيها حج بالناس
الفضل بن إسحاق المتقدم .