[ ص: 565 ] ثم دخلت
سنة خمس وستين ومائتين
فيها كانت
وقعة بين ابن ليثويه عامل أبي أحمد على جنبلاء وبين سليمان بن جامع ، ظفر فيها
ابن ليثويه بابن جامع الذي من جهة الخبيث صاحب
الزنج فقتل خلقا من أصحابه وأصاب منهم سبعة وأربعين أسيرا ، وحرق له مراكب كثيرة ، وغنم منهم أموالا جزيلة ، ولله الحمد والمنة .
وفي المحرم من هذه السنة
حاصر أحمد بن طولون نائب الديار المصرية مدينة أنطاكية وفيها سيما الطويل ، فلم يزل حتى فتحها بعد حروب يطول ذكرها ، وقتل سيما المذكور . وأقام بها حتى جاءته هدايا ملك
الروم وفي جملتها أسارى من المسلمين ، مع كل أسير مصحف ، ومنهم
عبد الله بن رشيد بن كاوس الذي كان عامل الثغور فاجتمع
لأحمد بن طولون ملك
الشام بكماله مع الديار المصرية ; لأنه لما مات نائب
دمشق أماجور ، ركب
nindex.php?page=showalam&ids=12267ابن طولون من
مصر ، فتلقاه
ابن أماجور إلى
الرملة فأقره عليها ، وسار إلى
دمشق فدخلها ، ثم إلى
حمص فتسلمها ، ثم إلى
حلب فاستحوذ عليها ، ثم ركب إلى
أنطاكية ، فكان من أمره ما تقدم . وكان
أحمد بن طولون قد استخلف على الديار المصرية ابنه
العباس ، فلما بلغه قدوم أبيه عليه من
الشام أخذ ما كان في بيت المال
[ ص: 566 ] من الحواصل ، ووازره جماعة على ذلك ، فساروا إلى
برقة خارجا عن طاعة أبيه ، فبعث إليه من أخذه ذليلا حقيرا ، وردوه إلى
مصر فحبسه ، وقتل جماعة من أصحابه .
وفيها خرج رجل يقال له :
القاسم بن مهارة على
دلف بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي ، فقتله واستحوذ على
أصبهان فانتصر أصحاب
دلف له فقتلوا
القاسم هذا ورأسوا عليهم
أحمد بن عبد العزيز .
وفيها لحق
محمد المولد بيعقوب بن الليث فسار إليه في المحرم منها ، فأمر السلطان بنهب حواصله وأمواله وأملاكه وضياعه .
وفيها
دخل صاحب الزنج إلى النعمانية فقتل وحرق ، ثم سار إلى
جرجرايا فانزعج الناس ، ودخل أهل السواد إلى
بغداد فلجئوا إليها محصورين .
وفيها ولي
أبو أحمد عمرو بن الليث خراسان وفارس وأصبهان وسجستان وكرمان والسند ، ووجهه إليها بذلك وبالخلع والتحف .
وفيها
حاصرت الزنج تستر حتى كادوا يفتحونها ، فوافاهم
تكين البخاري ، فلم يضع ثياب سفره حتى ناجز
الزنج فهزمهم هزيمة فظيعة منكرة جدا ، وقتل منهم خلقا لا يحصون كثرة ، وهرب أميرهم
علي بن أبان المهلبي [ ص: 567 ] مغلولا مدحورا مخذولا . قال
ابن جرير : وهذه وقعة
باب كودك المشهورة . ثم إن
علي بن أبان المهلبي أخذ في مكاتبة
تكين واستمالته إليه وإلى صاحب
الزنج فشرع
تكين في الإجابة إلى ذلك ، فبلغ خبره
مسرورا البلخي ، فسار نحوه وأظهر له الأمان حتى أخذه وقيده وتفرق جيشه عنه ; ففرقة صارت إلى
الزنج ، وفرقة إلى
محمد بن عبيد الله الكردي ، وفرقة انضافت إلى
مسرور البلخي بعد إعطائه إياهم الأمان ، وولى مكانه على عمالته أميرا آخر يقال له :
أغرتمش .
وحج بالناس فيها هارون بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى .