[ ص: 741 ] ثم دخلت سنة خمس وتسعين ومائتين
فيها كانت
المفاداة بين المسلمين والروم وكان من جملة من استنقذ من أيدي الروم من نساء ورجال نحو من ثلاثة آلاف نسمة ، ولله الحمد .
وفي المنتصف من صفر منها كانت وفاة
إسماعيل بن أحمد الساماني أمير
خراسان وقد كان عاقلا عادلا حسن السيرة في رعيته حليما كريما جوادا ممدحا ، وهو الذي كان يحسن إلى
محمد بن نصر المروزي ويعظمه ويكرمه ويحترمه ويقوم له في مجلس ملكه ، وقد ولي بعده ولده
أحمد بن إسماعيل بن أحمد الساماني وبعث إليه الخليفة
المكتفي بالله بالولاية والتشريف . وقد تذاكر الناس عند
إسماعيل بن أحمد ذات ليلة الفخر بالأنساب ، فقال : ينبغي أن يكون الإنسان عصاميا لا عظاميا ، أي ينبغي أن يفتخر بنفسه لا بنسبه وبلده وجده كما قال بعضهم :
وبجدي سموت لا بجدودي
وقال آخر :
حسبي فخارا وشيمتي أدبي ولست من هاشم ولا العرب [ ص: 742 ]
إن الفتى من يقول هأنذا ليس الفتى من يقول كان أبي
وفي ذي القعدة منها كانت :
وفاة
الخليفة المكتفي بالله أبي محمد علي بن المعتضد . وهذه ترجمته ، وذكر وفاته :
أبو
محمد علي ابن أمير المؤمنين المعتضد بالله أبي العباس أحمد ابن الأمير أبي أحمد الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد هارون بن المهدي بن المنصور - رحمهم الله - وقد ذكرنا أنه ليس من الخلفاء العباسيين من اسمه علي سواه بعد
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولم يكن من الخلفاء من يكنى بأبي محمد سوى
الحسن بن علي ، وموسى الهادي ،
والمستضيء بأمر الله ، وكان مولده في رجب من سنة أربع وستين ومائتين وبويع له بالخلافة بعد أبيه - في حياته - في يوم الجمعة لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين ، وعمره نحو من خمس وعشرين سنة وكان ربعة من الرجال جميلا رقيق اللون حسن الشعر وافر اللحية عريضها ولما مات أبوه
المعتضد وباشر هو منصب الخلافة دخل عليه بعض الشعراء فأنشده :
أجل الرزايا أن يموت إمام وأسنى العطايا أن يقوم إمام
فأسقى الذي مات الغمام وجاده ودامت تحيات له وسلام
وأبقى الذي قام الإله وزاده مواهب لا يفنى لهن دوام
وتمت له الآمال واتصلت بها فوائد موصول بهن تمام
هو المكتفي بالله يكفيه كلما عناه بركن منه ليس يرام
[ ص: 743 ] فأمر له بجائزة سنية .
وقد كان يقول الشعر ، فمن ذلك قوله :
من لي بأن يعلم ما ألقى فيعرف الصبوة والعشقا
ما زال لي عبدا وحبي له صيرني عبدا له رقا
العتق من شأني ولكنني من حبه لا أملك العتقا
وكان نقش خاتمه :
علي متوكل على ربه وكان له من الولد
محمد وجعفر وعبد الصمد وموسى وعبد الله وهارون والفضل وعيسى والعباس وعبد الملك .
وفي أيامه فتحت
أنطاكية واستنقذت من أيدي الروم وكان فيها من أسارى المسلمين بشر كثير وجم غفير ، وأخذ المسلمون من غنائمهم شيئا كثيرا جدا كما تقدم ، ولما حضرته الوفاة سأل عن أخيه
أبي الفضل جعفر بن المعتضد فصح عنده أنه بالغ فأحضره في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من هذه السنة ، وأحضر القضاة وأشهدهم على نفسه بأنه قد جعل الخلافة إليه من بعده ، ولقبه بالمقتدر بالله . وتوفي
nindex.php?page=showalam&ids=15308المكتفي بالله بعد ثلاثة أيام ، رحمه الله . وقيل : في آخر يوم السبت بين الظهر والعصر . وقيل : بعد المغرب ليلة الأحد لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة ودفن في دار
محمد بن عبد الله بن طاهر عن ثنتين ، وقيل : عن ثلاث وثلاثين سنة . وكانت خلافته ست سنين وستة أشهر وتسعة عشر يوما . وكان قد أوصى بصدقة من خالص ماله ستمائة
[ ص: 744 ] ألف دينار كان قد جمعها وهو صغير ، وكان مرضه بداء الخنازير رحمه الله .