[ ص: 109 ] ثم دخلت سنة سبع وعشرين وثلاثمائة
في المحرم منها
خرج nindex.php?page=showalam&ids=14341الراضي بالله أمير المؤمنين من بغداد إلى الموصل لمحاربة ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان نائبها ، وبين يديه
بجكم أمير الأمراء ، وقاضي القضاة
أبو الحسين عمر بن محمد بن يوسف ، وقد استخلف على
بغداد ولده القاضي
أبا نصر يوسف بن عمر ، عن أمر الخليفة له بذلك . وكان عالما وفاضلا ، ولما انتهى
بجكم إلى
الموصل والجزيرة واقع
الحسن بن عبد الله بن حمدان ، فهزم
بجكم الحسن بن حمدان ، وقرر الخليفة أمر
الموصل والجزيرة .
وأما
محمد بن رائق فإنه اغتنم غيبة الخليفة عن
بغداد واستجاش بألف من
القرامطة ، وجاء فدخل بهم
بغداد فأكثر فيها الفساد ، غير أنه لم يتعرض لدار الخلافة ، ثم بعث إلى الخليفة يطلب منه المصالحة والعفو عما جنى ، فأجابه إلى ذلك ، وبعث إليه قاضي القضاة
أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف ، وترحل
ابن رائق عن
بغداد ودخلها الخليفة في جمادى الأولى من هذه السنة ، ففرح المسلمون بذلك .
ونزل عند غروب الشمس أول ليلة من شهر آذار - وذلك في جمادى
[ ص: 110 ] الأولى - مطر عظيم وبرد كبار ، كل واحدة نحو الأوقيتين ، واستمر فسقط بسببه دور كثيرة من
بغداد . وظهر جراد كثير في هذه السنة ، وكان الحج من جهة درب
العراق قد تعطل من سنة سبع عشرة وثلاثمائة إلى هذه السنة ، فشفع
الشريف أبو علي عمر بن يحيى العلوي عند
القرامطة ، وكانوا يحبونه لشجاعته وكرمه ، في أن يمكنوا الحجيج من الحج ، وأن يكون لهم على كل جمل خمسة دنانير ، وعلى المحمل سبعة دنانير ، فخرج الناس للحج في هذه السنة على هذا الشرط ، فكان من جملة من خرج الشيخ
أبو علي بن أبي هريرة أحد أئمة الشافعية ، فلما اجتاز بهم طالبوه بالخفارة ، فثنى رأس راحلته ورجع ، وقال : ما رجعت شحا ، ولكن سقط عني وجوب الحج بطلب هذه الخفارة .
وفي هذه السنة وقعت فتنة
بالأندلس ، وذلك أن
عبد الرحمن الأموي ، صاحب
الأندلس ، الملقب بالناصر لدين الله ، قتل وزيره
أحمد ، فغضب له أخوه
أمية بن إسحاق - وكان نائبا على مدينة
شنترين - فارتد ودخل بلاد النصارى ، واجتمع بملكهم
ردمير ، ودله على عورات المسلمين ، فسار إليهم في جيش كثيف في الجلالقة ، فخرج إليه الأموي ، فأوقع بهم بأسا شديدا ، وقتل من الجلالقة خلقا كثيرا ، ثم كر الفرنج على المسلمين ، فقتلوا منهم خلقا كثيرا قريبا ممن قتلوا منهم ، ثم والى المسلمون الغارات على بلاد الجلالقة ، فقتلوا منهم أمما لا يحصون كثرة ، ثم ندم
أمية بن إسحاق على ما صنع ، وطلب الأمان من
عبد الرحمن ، فبعث إليه بالأمان ، فلما قدم عليه قبله واحترمه .