وممن توفي فيها من الأعيان :
الخرقي صاحب " المختصر " المشهور في الفقه ،
عمر بن الحسين بن عبد الله ، أبو القاسم الخرقي
صاحب " المختصر " في الفقه على مذهب
الإمام أحمد بن حنبل ، وقد شرحه
القاضي أبو يعلى بن الفراء ،
nindex.php?page=showalam&ids=13439والشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي ، وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي هذا من سادات الفقهاء والعباد ، كثير الفضائل
[ ص: 172 ] والعبادة ، خرج من
بغداد لما كثر بها السب للصحابة ، وأودع كتبه
ببغداد ، فاحترقت الدار التي هي فيها ، وعدمت مصنفاته ، وقصد
دمشق فأقام بها حتى مات في هذه السنة ، وقبره
بباب الصغير يزار قريبا من قبور الشهداء .
وفي مصنفه هذا " المختصر " في كتاب الحج : ويأتي الحجر الأسود ويقبله إن كان هناك . وإنما قال ذلك لأن تصنيفه لهذا الكتاب كان حال كون
الحجر الأسود بأيدي
القرامطة حين أخذوه من مكانه في سنة سبع عشرة وثلاثمائة كما ذكرنا ، ولم يردوه إلا سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، كما سيأتي بيانه في موضعه .
قال
الخطيب : قال لي
القاضي أبو يعلى : كانت له مصنفات كثيرة وتخريجات على المذهب لم تظهر; لأنه خرج عن
مدينة السلام لما ظهر سب الصحابة ، وأودع كتبه ، فاحترقت الدار التي هي فيها ، واحترقت الكتب فيها ولم تكن قد انتشرت ; لبعده عن البلد .
ثم روى
الخطيب من طريقه ، عن
أبي الفضل بن عبد السميع الهاشمي ، عن
الفتح بن شخرف ، قال : رأيت أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب [ ص: 173 ] في المنام فقال لي : ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء ! قال : قلت : زدني يا أمير المؤمنين . قال : وأحسن من ذلك تيه الفقراء على الأغنياء . قال : ورفع لي كفه فإذا فيها مكتوب :
قد كنت ميتا فصرت حيا وعن قليل تصير ميتا فابن بدار البقاء بيتا
ودع بدار الفناء بيتا
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12998ابن بطة : مات
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي بدمشق سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، وزرت قبره .
محمد بن عيسى أبو عبد الله بن أبي موسى
الفقيه الحنفي ، أحد أئمة العراقيين في زمانه ، وولي القضاء
ببغداد للمتقي ، ثم
للمستكفي ، وكان ثقة فاضلا ، كبست اللصوص داره فظنوه أنه ذو مال ، فضربه بعضهم ضربة أثخنته ، فهرب منهم إلى السطوح ، فألقى نفسه من شدة الفزع إلى الأرض ، فمات رحمه الله في ربيع الأول من هذه السنة .
محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله أبو الفضل السلمي ، الوزير الفقيه المحدث الشاعر ، سمع الكثير وجمع وصنف ، وكان يصوم الاثنين والخميس ولا يدع صلاة الليل والتصنيف ، وكان يسأل الله الشهادة كثيرا ،
[ ص: 174 ] فولي الوزارة للسلطان ، فقصده الأجناد يطالبونه بأرزاقهم ، واجتمع منهم ببابه خلق كثير ، فاستدعى بحلاق فحلق رأسه ، وتنور وتطيب ولبس كفنه ، وقام يصلي ، فدخلوا عليه فقتلوه وهو ساجد - رحمه الله - في ربيع الآخر من هذه السنة . والله تعالى أعلم .
الإخشيد محمد بن عبد الله بن طغج بن جف أبو بكر
الملقب
بالإخشيد ، ومعناه ملك الملوك ، لقبه بذلك
الراضي ; لأنه كان ملك
فرغانة وكل من ملكها كان يسمى
الإخشيد كما أن من ملك
أشروسنة يسمى الإفشين ، ومن ملك
خوارزم يسمى خوارزم شاه ، ومن ملك
جرجان يسمى صول ، ومن ملك
أذربيجان يسمى إصبهبذ ، ومن ملك
طبرستان يسمى سالار . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في " المنتظم " .
قال
السهيلي : وكانت العرب تسمي من ملك
الشام مع
الجزيرة كافرا قيصر ، ومن ملك الفرس يسمى كسرى ، ومن ملك
اليمن يسمى تبعا ، ومن ملك
الحبشة النجاشي ومن ملك
الهند بطليموس ، ومن ملك
[ ص: 175 ] مصر كافرا يسمى فرعون ، ومن ملك
إسكندرية يسمى المقوقس وذكر غير ذلك .
وكانت وفاته
بدمشق ، ونقل إلى
بيت المقدس فدفن هناك ، رحمه الله .
أبو بكر الشبلي
أحد مشايخ الصوفية ، اختلفوا في اسمه على أقوال ، فقيل :
دلف بن جعفر ، ويقال : دلف بن جحدر ، وقيل : جعفر بن يونس . أصله من قرية يقال لها :
شبلية . من بلاد
أشروسنة من
خراسان وولد
بسامراء ، وكان أبوه حاجب الحجاب للموفق ، وكان خاله نائب
إسكندرية ، وكانت توبة
الشبلي على يدي خير النساج ، سمعه يعظ ، فوقع كلامه في قلبه ، فتاب من فوره ، ثم صحب الفقراء والمشايخ ، ثم كان بعد ذلك من أئمة القوم .
[ ص: 176 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14020الجنيد بن محمد : كان
الشبلي تاج هؤلاء .
وقال
الخطيب : أخبرنا
أبو الحسن علي بن محمود الزوزني ، قال : سمعت
علي بن المثنى التميمي يقول : دخلت على
الشبلي في داره ، وهو يهيج ويقول :
على بعدك لا يصب ر من عادته القرب
ولا يقوى على حجب ك من تيمه الحب
فإن لم ترك العين فقد يبصرك القلب
وقد ذكر له أحوال وكرامات . وقد ذكرنا أنه ممن اشتبه عليه أمر
الحلاج ووافقه في بعض ما نسب إليه من الأقوال من غير تأمل لما تحتها ، مما كان
الحلاج يحاوله من الإلحاد والاتحاد .
ولما حضرته الوفاة قال لخادمه : قد كان علي درهم من مظلمة ، فتصدقت عن صاحبه بألوف ، ومع هذا ما على قلبي شغل أعظم منه . ثم أمره بأن يوضئه ، فوضأه وترك تخليل لحيته ، فرفع يده - وكان قد اعتقل
[ ص: 177 ] لسانه - فجعل يخلل لحية نفسه .
وذكره
القاضي ابن خلكان في " الوفيات " وحكى عنه أنه دخل يوما على
الجنيد ، فوقف بين يديه ، وصفق وأنشد :
عودوني الوصال والوصل عذب ورموني بالصد والصد صعب
زعموا حين أزمعوا أن ذنبي فرط حبي لهم وما ذاك ذنب
لا وحق الخضوع عند التلاقي ما جزا من يحب إلا يحب
ومما كان ينشده
الشبلي من الأشعار الرقيقة ، وقد أورده
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في ترجمته من " تاريخه " :
أسائلكم عنها فهل من مخبر فما لي بنعمى بعد مكثتنا علم
فلو كنت أدري أين خيم أهلها وأي بلاد الله إذ ظعنوا أموا
إذا لسلكنا مسلك الريح خلفها ولو أصبحت نعمى ومن دونها النجم
ومن ذلك :
أسائل عن سلمى فهل من مخبر بأن له علما بها أين تنزل
ثم يقول : لا وعزتك ، وما في الدارين عنك مخبر .
قلت : وفي هذا شطح ; فقد خبرت عنه تعالى الرسل بالحق ونطقوا
[ ص: 178 ] بالصدق . وكان يقول : ليس لعارف علامة ، ولا لمحب شكوى ، ولا لعبد دعوى ، ولا لخائف قرار ، ولا من الله فرار .
وكان
الشبلي يقول : العارف صدره مشروح ، وقلبه مجروح ، وجسده مطروح ، والعارف من عرف الله ، وعرف مراد الله ، وعمل بما أمر الله ، وأعرض عما نهى الله ، ودعا عباد الله إلى الله ،
والصوفي من صفى قلبه من الكدر فصفا ، وسلك طريق المصطفى ، ورمى الدنيا خلف القفا ، وأذاق الهوى طعم الجفا .
وقال أيضا : الصوفي من صفا من الكدر ، وخلص من الغير ، وامتلأ من الفكر ، وتساوى عنده الذهب والمدر .
ومما كان ينشده :
أظلت علينا منك يوما سحابة أضاءت لنا برقا وأبطا رشاشها
فلا غيمها يجلو فييأس طامع ولا غيثها يأتي فيروى عطاشها
وسئل : هل يتحقق العارف بما يبدو له من الآثار ؟ فقال : كيف يتحقق بما لا يثبت ؟ وكيف يطمئن إلى ما لا يظهر ؟ وكيف يأنس بما يخفى ؟ فهو الظاهر الباطن . ثم أنشأ يقول :
فمن كان في طول الهوى ذاق سلوة فإني من ليلى لها غير ذائق
[ ص: 179 ] وأكثر شيء نلته من وصالها أماني لم تصدق كلمحة بارق
وكان يقول : الدنيا خيال ، وظلها وبال ، وتركها جمال ، والإعراض عنها كمال ، والمعرفة بالله اتصال :
لتحشرن عظامي بعد إذ بليت يوم الحساب وفيها حبكم علق
وسئل
الشبلي : هل يتسلى الحبيب بشيء من حبيبه دون مشاهدته ؟ فأنشد :
والله لو أنك توجتني بتاج كسرى ملك المشرق
ولو بأموال الورى جدت لي أموال من باد ومن قد بقي
وقلت لا نلتقي ساعة اخترت يا مولاي أن نلتقي
وكان ينشد أيضا :
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا كفى لمطايانا بذكرك هاديا
وكان ينشد أيضا :
ولو أن ركبا أمموك لقادهم نسيمك حتى يستدل بك الركب
إذا أبصرتك العين من بعد غاية وعارض فيك الشك أثبتك القلب
[ ص: 180 ] وكان ينشد أيضا :
ليس تخلو جوارحي منك وقتا هي مشغولة بحمل هواكا
ليس يجري على لساني شيء علم الله ذا سوى ذكراكا
وتمثلت حيث كنت بعيني فهي إن غبت أو حضرت تراكا
وكان ينشد أيضا :
عجبت لمن يقول نسيت إلفي وهل أنسى فأذكر من هويت
أموت إذا ذكرتك ثم أحيا ولولا ما أؤمل ما حييت
فأحيا بالمنى وأموت شوقا فكم أحيا عليك وكم أموت
جعلت الصمت ستر الحب حتى تكلمت الجفون بما لقيت
شربت الحب كأسا بعد كأس فما نفد الشراب وما رويت
وقال أيضا : التصوف ترويح القلب بمراوح الصفاء ، وتجليل الخواطر بأردية الوفاء ، والتخلق بالسخاء ، والبشر في اللقاء .
ونظر يوما إلى جماعة من المتصوفة فأنشأ :
أما الخيام فإنها كخيامهم وأرى نساء الحي غير نسائها
وقال أيضا :
[ ص: 181 ] إذا أردت أن تنظر إلى الدنيا بحذافيرها ، فانظر إلى المزبلة ، وإذا أردت أن تنظر إلى نفسك فخذ كفا من تراب ; فإنك منها خلقت ، وفيها تعود ، ومنها تخرج ، وإذا أردت أن تعرف ما أنت ، فانظر إلى ما يخرج منك عند الخلاء ، فلا تتطاول ولا تتكبر على من هو مثلك .
وكان ينشد :
وتحسبني حيا وإني لميت وبعضي من الهجران يبكي على بعض
وأنشد أيضا :
وكذبت طرفي فيك والطرف صادق وأسمعت أذني فيك ما ليس تسمع
ولم أسكن الأرض التي تسكنونها لكي لا يقولوا إنني بك مولع
فلا كبدي تهدا ولا فيك رحمة ولا عنك إقصار ولا فيك مطمع
وأنشد أيضا :
فيا ساقي القوم لا تنسني ويا ربة الخدر غني رمل
خليلي إن دام هذا الصدود على ما أراه سريعا قتل
وقد كان شيئا يسمى السرور قديما سمعنا به ما فعل
وسئل
الشبلي عن الرجل يسمع الشيء فلا يفهمه ، ويتواجد مع ذلك ، فأنشأ يقول :
[ ص: 182 ] رب ورقاء هتوف بالضحى ذات شجو صدحت في فنن
ذكرت إلفا ودهرا صالحا فبكت حزنا فهاجت حزني
فبكائي ربما أرقها وبكاها ربما أرقني
ولقد أشكو فما أفهمها ولقد تشكو فما تفهمني
غير أني بالجوى أعرفها وهي أيضا بالجوى تعرفني
ووجد في كلام
الشبلي : ما ظنك بمعان هي شموس كلها ; بل الشموس فيها ظلمة .
وقال أيضا : الوجد اصطلام . ثم أنشأ يقول :
الوجد عني جحود ما لم يكن عن شهود
وشاهد الحق عندي يفني شهود الوجود
وكان ينشد :
الكل مني بلائي وراحتي في فنائي
وسمع القوال يوما ، فتواجد كثيرا والمشايخ سكوت لم يتواجد منهم أحد ، فعاتبه بعض المشايخ في ذلك ، فأنشأ يقول :
لو يسمعون كما سمعت حديثها خروا لعزة ركعا وسجودا
[ ص: 183 ] وأنشأ يقول :
لي سكرتان وللندمان واحدة شيء خصصت به من بينهم وحدي
وكان يقول :
وكنت إذا ما جئت جئت لعلة فأفنيت علاتي فكيف أقول
إذا لم يكن بيني وبينك مرسل فريح الصبا مني إليك رسول
ومنه أيضا :
وكم كذبة لي فيك لا أستقيلها أقول لمن ألقاه إني صالح
فأي صلاح لي وجسمي ناحل وقلبي مشغوف ودمعي سافح
وأنشد يوما ، وجلس عنده شاب أمرد ، وعليه ثياب حسان ، فطرده من عنده ، ثم قال :
طرحوا اللحم للبزا ة على ذروتي عدن
ثم لاموا البزاة كم طولوا فيهم الرسن
لو أرادوا صلاحنا سروا وجهه الحسن
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن
أبي علي بن مقلة الكاتب ، أنه أنشد له في معنى هذا بيتين أخطأ فيهما :
يا رب تخلق أقمار ليل وأغصان بان وكثبان رمل
وتبدع في كل طرف بسحر وفي كل قد رشيق بكل
وتنهى عبادك أن يعشقوا أيا حكم العدل أحكم بعدل
[ ص: 84 ] قلت : نعم ، إن الله إنما ينهى عن الفحشاء ، وهو الحكم بالعدل في كل ما أمر به وكل ما ينهى عنه .
وللشبلي :
فيوما ترانا في الخزوز نجرها ويوما ترانا في الحديد عوابسا
ويوما ترانا للثريد نبسه ويوما ترانا نأكل الخبز يابسا
وسافر
الشبلي مرة إلى
البصرة فلما عاد إلى
بغداد سمع جارة للخليفة
المقتدر تغنيه وهو في التاج من دار الخلافة :
أيا قادما من سفرة الهجر مرحبا أيا ذاك لا أنساك ما هبت الصبا
قدمت على قلبي كما قد تركته كئيبا حزينا بالصبابة متعبا
فصاح
الشبلي صيحة ، وخر مغشيا عليه في دجلة ، فتداركه الناس ، فأخرجوه ، وأمر الخليفة بإحضاره ، فقال : أنت مجنون . قال : لا ، ولكني قدمت من سفر ، فسمعت هذه تغنيك بهذين البيتين ، فحصل لي ما حصل ، فبكى الخليفة .
وكان
الشبلي ينشد ، وسمعته كثيرا من شيخنا العلامة
أبي العباس ابن تيمية - رحمه الله - ينشد :
عوى الذئب فاستأنست للذئب إذ عوى وصوت إنسان فكدت أطير
وله أيضا :
[ ص: 185 ] الناس بالعيد قد سروا وقد فرحوا وما سررت به والواحد الصمد
لما تيقنت أني لا أعاينكم غمضت عيني فلا أنظر إلى أحد
وقيل له : إن فلانا مات فجاءة . فأنشأ يقول :
قضى الله في القتلى قصاص دمائهم ولكن دماء العاشقين جبار
وله أيضا :
جننا على ليلى وجنت بغيرنا وأخرى بنا مجنونة ما نريدها
وله أيضا :
يا راحتي وعذابي من عذابي أنت ما بي فكيف أكتم ما بي
وله أيضا :
فلو قلت طأ في النار بادرت نحوها سرورا لأني قد خطرت ببالكا
ولما مرض
الشبلي بعث إليه
المقتدر طبيبا نصرانيا ، فقال له الطبيب : فلو علمت أن قطع بعض جسدي يشفيك لقطعته . فقال له : يشفيني قطع ما هو أيسر عليك من ذلك . فقال : وما هو ؟ قال : قطع زنارك . فقطعه وأسلم ، فبلغ ذلك الخليفة ، فقال : بعثنا طبيبا إلى عليل ، فإذا هو عليل إلى طبيب .
قالوا : ولما احتضر جعل من عنده يقولون : قل : لا إله إلا الله ، فقال :
إن بيتا أنت ساكنه غير محتاج إلى السرج
[ ص: 186 ] وجهك المأمول حجتنا يوم يأتي الناس بالحجج
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر أنه كان يقول : أخشى أن أموت بين النفي والإثبات ، لا إله إلا الله ، وإنما كان ذكره : الله الله ، ويحتج بقوله :
قل الله [ الأنعام : 91 ]
وفيما نحاه نظر ، فقد قال الله تعالى :
فاعلم أنه لا إله إلا الله [ محمد : 19 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
أفضل ما قلت أنا والنبيون قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له
ذكر عنه أنه قال : رأيت مجنونا على باب جامع الرصافة يوم جمعة وهو عريان ، وهو يقول : أنا مجنون الله ، أنا مجنون الله . فقلت : ألا تستتر وتدخل مع الناس فتصلي ، فأنشأ يقول :
يقولون زرنا واقض واجب حقنا وقد أسقطت حالي حقوقهم عني
إذا أبصروا حالي ولم يأنفوا لها ولم يأنفوا منها أنفت لهم مني
وذكر الخطيب في " تاريخه " عنه أنه أنشد لنفسه :
مضت الشبيبة والحبيبة فانبرى دمعان في الأجفان يزدحمان
ما أنصفتني الحادثات رمينني بمودعين وليس لي قلبان
وكانت وفاته - رحمه الله - ليلة الجمعة لليلتين بقيتا من هذه السنة ، وله سبع وثمانون سنة ، ودفن في مقبرة الخيزران
ببغداد ، والله أعلم .