وممن توفي فيها من الأعيان :
أبو الحسن الكرخي ، عبيد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم ، أبو الحسن الكرخي
أحد أئمة الحنفية المشهورين ، ولد سنة ستين ومائتين ، وسكن
بغداد ودرس بها فقه
أبي حنيفة ، وانتهت إليه رئاسة أصحابه ، وانتشر أصحابه
ببغداد ، وكان متعبدا ، كثير الصلاة والصوم ، صبورا على الفقر ، عزوفا عما في أيدي الناس ، وكان مع ذلك رأسا في الاعتزال ، وقد سمع الحديث من
إسماعيل بن إسحاق القاضي ، وروى عنه
ابن حيويه وابن شاهين .
وأصابه الفالج في آخر عمره ، فاجتمع عنده بعض أصحابه ، واشتوروا فيما بينهم أن يكتبوا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16077سيف الدولة بن حمدان ; ليساعده بشيء يستعين به في مرضه ، فلما علم بذلك رفع رأسه إلى السماء ، وقال : اللهم لا تجعل
[ ص: 210 ] رزقي إلا من حيث عودتني . فمات عقب ذلك قبل أن يصل إليه ما أرسل به
سيف الدولة ، وهو عشرة آلاف درهم ، فتصدق بها بعد وفاته ، وكانت وفاته في شعبان من هذه السنة عن ثمانين سنة ، وصلى عليه
أبو تمام الحسن بن محمد الزينبي ، وكان صاحبه ، ودفن في
درب أبي زيد على
نهر الواسطيين .
محمد بن صالح بن زيد ، أبو جعفر الوراق ، سمع الكثير ، وكان يفهم ويحفظ ، وكان ثقة زاهدا ، لا يأكل إلا من كسب يده ، ولا يقطع صلاة الليل .
وقال بعضهم : صحبته سنين كثيرة ، فما رأيته فعل إلا ما يرضي الله عز وجل ، ولا قال إلا ما يسأل عنه ، وكان يقوم أكثر الليل .
وفيها كانت وفاة
منصور بن قراتكين
صاحب الجيوش الخراسانية من جهة الأمير
نوح الساماني وكانت وفاته لمرض حصل له ، وقيل : لأنه أدمن شرب الخمر أياما متتابعة ، فهلك بسبب ذلك ، فأقيم بعده في الجيوش
أبو علي بن محتاج .
الزجاجي مصنف " الجمل " ، وهو
أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق النحوي البغدادي الأصل ، ثم الدمشقي
مصنف " الجمل " في النحو ، وهو كتاب نافع ، كثير الفائدة ، صنفه
بمكة ، وكان يطوف بعد كل باب منه ، ويدعو الله تعالى أن ينفع به .
[ ص: 211 ] أخذ النحو أولا عن
محمد بن العباس اليزيدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13147وأبي بكر بن دريد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12590وابن الأنباري .
وكانت وفاته في رجب سنة سبع ، وقيل : سنة تسع وثلاثين . وقيل : سنة أربعين . توفي في
دمشق وقيل :
بطبرية . وقد شرحت " الجمل " بشروح كثيرة ، من أحسنها وأجمعها ما وضعه
ابن عصفور . والله أعلم .