[ ص: 305 ] ثم دخلت
سنة ست وخمسين وثلاثمائة
استهلت هذه السنة والخليفة
المطيع لله والسلطان
nindex.php?page=showalam&ids=17118معز الدولة بن بويه الديلمي .
وعملت
الروافض في يوم عاشوراء عزاء
الحسين ، على ما ابتدعوه من النوح .
ولما كان ثالث عشر ربيع الأول من هذه السنة توفي :
معز الدولة أبو الحسن أحمد بن بويه الديلمي
الذي أظهر الرفض ، ويقال له :
معز الدولة ، بعلة الذرب ، فصار لا يثبت في معدته شيء بالكلية ، ولما أحس بالموت أظهر التوبة ، وأناب إلى الله عز وجل ، ورد كثيرا من المظالم ، وتصدق بكثير من أمواله ، وأعتق خلقا كثيرا من مماليكه ، وعهد إلى ابنه
بختيار عز الدولة .
وقد اجتمع ببعض العلماء ، فكلمه في السنة ، وأخبره أن
عليا زوج ابنته أم كلثوم من
عمر بن الخطاب فقال : والله ما سمعت بهذا قط . ورجع إلى السنة ومتابعتها ، ولما حضر وقت الصلاة ، خرج ذلك الرجل إلى الصلاة ، فقال له : أما
[ ص: 306 ] تصلي هاهنا ؟ قال : لا . قال : ولم ؟ قال : لأن دارك مغصوبة . فاستحسن منه ذلك .
وكان
معز الدولة حليما كريما عاقلا ، وكانت إحدى يديه مقطوعة ، وهو أول من أحدث السعاة بين يدي الملوك ; ليبعث بأخباره إلى أخيه
ركن الدولة إلى
شيراز سريعا ، وحظي عنده أهل هذه الصناعة ، وتعلم أهل
بغداد ذلك ، حتى كان بعضهم يجري في اليوم الواحد نيفا وأربعين فرسخا ، وكان في البلد ساعيان ماهران ، وهما فضل ومرعوش ، يتعصب لهذا عوام أهل السنة ، ولهذا عوام
أهل الشيعة ، وجرت لهما مناصف ومواقف .
ولما مات
معز الدولة دفن بباب التبن في مقابر
قريش ، وجلس ابنه للعزاء ، وأصاب الناس مطر ثلاثة أيام تباعا ، فبعث
عز الدولة إلى رءوس الدولة في هذه الأيام بمال جزيل ; لئلا تجتمع الدولة على مخالفته قبل استحكام مبايعته ، وهذا من عقله ودهائه .
وكان عمر
معز الدولة ثلاثا وخمسين سنة ، ومدة ولايته إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا ويومين ، وكان قد نادى في أيامه برد المواريث إلى ذوي الأرحام قبل بيت المال .
وقد سمع بعض الناس ليلة توفي
معز الدولة هاتفا يقول :
لما بلغت أبا الحسي ن مراد نفسك في الطلب [ ص: 307 ] وأمنت من حدث الليا
لي واحتجبت عن النوب مدت إليك يد الردى
وأخذت من بيت الذهب
ولما مات
معز الدولة قام بالأمر بعده ولده
عز الدولة ، فأقبل على اللهو واللعب والاشتغال بأمر النساء ، فتفرق شمله ، واختلفت الكلمة عليه ، وطمع الأمير
منصور بن نوح الساماني صاحب بلاد
خراسان في ملك بني بويه ، وأرسل الجيوش الكثيفة صحبة الملك وشمكير ، فلما علم بذلك
ركن الدولة بن بويه أرسل إلى ابنه
عضد الدولة وابن أخيه
عز الدولة يستنجدهما ، فأرسلا إليه بجنود كثيرة ، فركب فيها
ركن الدولة ، وبعث إليه
وشمكير يتهدده ويتوعده ، ويقول : لئن قدرت عليك لأفعلن بك ولأفعلن . فكتب إليه
ركن الدولة : لكني إن قدرت عليك لأحسنن إليك ولأصفحن عنك . فكانت العاقبة لهذا ، فدفع الله عنه شره ; وذلك أن
وشمكير ركب فرسا صعبة فتصيد عليها ، فحمل عليه خنزير ، فنفرت الفرس ، فألقته على الأرض ، فخرج الدم من أذنيه ، فمات من ساعته ، وتفرقت العساكر .
وبعث
ابن وشمكير يطلب الأمان من
ركن الدولة ، فأمنه وأرسل إليه بالمال والرجال ، ووفى بما قال ، وصرف الله عنه كيد السامانية ، وذلك بصدق النية وحسن الطوية .