[ ص: 389 ] ثم دخلت سنة ثمان وستين وثلاثمائة
في شعبان منها أمر
الطائع لله أن يدعى
لعضد الدولة بعد الخليفة على المنابر
ببغداد ، وأن تضرب الدبادب على بابه وقت الفجر وبعد المغرب وبعد العشاء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : وهذا شيء لم يتفق لغيره من
بني بويه ، وقد كان
معز الدولة سأل من
المطيع لله أن يضرب الدبادب على بابه
ببغداد ، فلم يأذن له في ذلك .
وقد افتتح
عضد الدولة في هذه السنة - وهو مقيم
بالموصل - أكثر بلاد
أبي تغلب بن حمدان ،
كآمد وميافارقين والرحبة وغير ذلك من المدن الكبار والصغار ، وحين عزم على العود إلى
بغداد استناب على
الموصل أبا الوفاء الحاجب ، ورجع إلى
بغداد فدخلها في سلخ ذي القعدة من هذه السنة ، وتلقاه الخليفة والأعيان إلى أثناء الطريق ، وكان يوما مشهودا .
ذكر ملك قسام التراب
لدمشق
في هذه السنة ، لما اتقع
أفتكين مع
العزيز بأرض
الرملة وانهزم
أفتكين والحسن القرمطي معه ، وأسر
أفتكين فذهب مع
[ ص: 390 ] العزيز إلى ديار
مصر نهض رجل من
أهل دمشق يقال له :
قسام التراب ، كان
أفتكين يقربه ويدنيه ويأتمنه على أسراره ، فاستحوذ على
دمشق وطاوعه أهلها ، وقصدته عساكر
العزيز من
مصر ، فحاصروه فلم يتمكنوا منه بشيء ، وجاء
أبو تغلب بن ناصر الدولة بن حمدان ، فحاصره ، فلم يمكنه أن يدخل
دمشق فانصرف عنه خائبا إلى
طبرية فوقع بينه وبين
بني عقيل وغيرهم من العرب حروب طويلة ، آل به الحال إلى أن قتل
أبو تغلب ، وكانت معه أخته
جميلة ، وامرأته وهي بنت عمه
سيف الدولة ، فردتا إلى
سعد الدولة بن سيف الدولة بحلب ، فأخذ أخته ، وبعث
بجميلة إلى
بغداد فحبست في دار وأخذ منها أموال جزيلة .
وأما
قسام - وهو الحارثي ، وأصله من
بني الحارث بن كعب من
اليمن - فأقام
بالشام يسد خللها ، ويقوم بمصالحها مدة سنين عديدة ، وكان مجلسه بالجامع ، ويجتمع الناس عنده فيأمرهم وينهاهم ، ويقوم فيمتثلون ما يرسم به .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر : أصله من قرية
تلفيتا وكان ترابا .
قلت : والعامة يقولون : اسمه
قسيم الزبال ، وإنما هو
قسام ، ولم يكن زبالا بل ترابا من قرية
تلفيتا بالقرب من قرية
منين ، وكان بدو أمره أنه انتمى إلى رجل من أحداث
دمشق يقال له :
أحمد بن الجسطار ، فكان من حزبه ، ثم
[ ص: 391 ] استحوذ على الأمور ، وغلب على الولاة والأمراء ، وصارت إليه أزمة الأحكام ، إلى أن قدم
بلكين التركي من
مصر في يوم الخميس السابع عشر من المحرم سنة ست وسبعين وثلاثمائة ، فأخذها منه ودخلها ، واختفى
قسام التراب مدة ، ثم ظهر ، فأخذه أسيرا وأرسله مقيدا إلى الديار المصرية ، فأطلق وأحسن إليه وأقام بها أيضا مكرما ، والله أعلم .