[ ص: 432 ] ثم دخلت
سنة تسع وسبعين وثلاثمائة
فيها كانت وفاة شرف الدولة بن عضد الدولة بن بويه الديلمي ، وكان قد انتقل إلى قصر
معز الدولة عن إشارة الأطباء لصحة الهواء ; وذلك لشدة ما كان يجده من الداء ، فلما كان في جمادى الأولى تزايد به ، ومات في هذا الشهر ، وقد عهد إلى ابنه
أبي نصر ، وجاء الخليفة في طيار لتعزية
أبي نصر في والده
شرف الدولة ، فتلقاه
أبو نصر والترك والديلم بين يديه ، فقبل الأرض بين يدي الخليفة ، وكذلك بقية العسكر ، والخليفة في الطيار ، وهم يقبلون الأرض إلى ناحيته ، وجاء الرئيس
أبو الحسين علي بن عبد العزيز من عند الخليفة إلى
أبي نصر ، فبلغه تعزية الخليفة له ، فقبل الأرض ثانية ، وعاد الرسول أيضا إلى الخليفة ، فبلغه شكر
أبي نصر ، ثم عاد من جهة الخليفة لتوديع
أبي نصر ، فقبل الأرض ثالثا ، ورجع الخليفة في طياره إلى داره .
فلما كان يوم السبت عاشر هذا الشهر ، ركب الأمير
أبو نصر إلى حضرة الخليفة
الطائع لله ومعه الأشراف والأعيان والقضاة والأمراء ، وجلس الخليفة في الرواق ، فلما وصل الأمير
أبو نصر بن شرف الدولة بن عضد الدولة بن ركن [ ص: 433 ] الدولة بن بويه ، خلع عليه الخليفة سبع خلع ، أعلاهن السواد وعمامة سوداء ، وفي عنقه طوق ، وفي يده سواران ، ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف والمناطق ، فلما حصل بين يدي الخليفة قبل الأرض ، فأومأ إليه بالجلوس ، فقبل الأرض ثانية ، ووضع له كرسي فجلس عليه ، وقرأ الرئيس
أبو الحسن علي بن عبد العزيز عهده ، وقدم إلى الطائع لواءه ، فعقده بيده ، ولقبه بهاء الدولة وضياء الملة ، ثم خرج من بين يديه ، والعسكر معه حتى عاد إلى دار المملكة ، وأقر الوزير
أبا منصور بن صالحان على الوزارة ، وخلع عليه .
وفي هذه السنة بني جامع القطيعة - قطيعة
أم جعفر - بالجانب الغربي من
بغداد وكان أصل بنائه مسجدا أن امرأة رأت في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان يصلي ، ووضع يده في جدار هناك ، فلما أصبحت ، تذكرت ذلك المنام ، فوجدوا أثر الكف في ذلك الموضع ، فبني مسجدا ، ثم توفيت تلك المرأة في ذلك اليوم ، ثم إن الشريف أبا أحمد الموسوي جدد هذا المسجد ، فوسعه وجعله جامعا ، واستأذن الخليفة
الطائع لله في عقد جمعة فيه ، فأذن له ، وصلى بالناس فيه في هذه السنة .