[ ص: 444 ] فصل
في
منشئه عليه الصلاة والسلام
ومرباه وكفاية الله له وحياطته وكيف
كان يتيما فآواه وعائلا فأغناه
قال
محمد بن إسحاق : فشب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلؤه الله ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية ، لما يريد من كرامته ، ورسالته حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة ، وأحسنهم خلقا ، وأكرمهم حسبا ، وأحسنهم جوارا ، وأعظمهم حلما ، وأصدقهم حديثا ، وأعظمهم أمانة ، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال; تنزها وتكرما . حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لي - يحدث عما كان الله يحفظه به في صغره ، وأمر جاهليته أنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509973لقد رأيتني في غلمان من قريش ، ننقل الحجارة لبعض ما يلعب الغلمان ، كلنا قد تعرى وأخذ إزاره وجعله على رقبته; يحمل عليه الحجارة فإني لأقبل معهم كذلك ، وأدبر إذ لكمني لاكم ما أراه لكمة [ ص: 445 ] وجيعة ، ثم قال : شد عليك إزارك قال : فأخذته فشددته علي ، ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري علي ، من بين أصحابي وهذه القصة شبيهة بما في الصحيح عند بناء
الكعبة حين كان ينقل هو وعمه
العباس فإن لم تكنها فهي متقدمة عليها كالتوطئة لها . والله أعلم .
قال
عبد الرزاق : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول
لما بنيت الكعبة ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل الحجارة فقال العباس لرسول الله صلى الله عليه وسلم : اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة ففعل فخر إلى الأرض ، وطمحت عيناه إلى السماء ثم قام فقال : إزاري فشد عليه إزاره أخرجاه في الصحيحين من حديث
عبد الرزاق ، وأخرجاه أيضا من حديث
روح بن عبادة عن
زكرياء بن أبي إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار عن
جابر بنحوه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13720أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14624محمد بن إسحاق الصاغاني حدثنا
محمد بن بكير الحضرمي حدثنا
عبد الرحمن بن [ ص: 446 ] عبد الله الدشتكي حدثنا
عمرو بن أبي قيس عن
سماك عن
عكرمة حدثني
ابن عباس عن أبيه أنه كان ينقل الحجارة إلى البيت ، حين بنت
قريش البيت قال وأفردت
قريش رجلين رجلين ، الرجال ينقلون الحجارة ، وكانت النساء تنقل الشيد . قال : فكنت أنا وابن أخي وكنا نحمل على رقابنا ، وأزرنا تحت الحجارة فإذا غشينا الناس ائتزرنا فبينما أنا أمشي
ومحمد أمامي قال : فخر وانبطح على وجهه فجئت أسعى وألقيت حجري وهو ينظر إلى السماء فقلت : ما شأنك فقام وأخذ إزاره قال : إني نهيت أن أمشي عريانا . قال ، وكنت أكتمها من الناس مخافة أن يقولوا مجنون .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير عن
محمد بن إسحاق حدثني
محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14099الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده
علي بن أبي طالب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509974ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يهمون به من النساء إلا ليلتين كلتاهما عصمني الله عز وجل فيهما قلت ليلة لبعض فتيان مكة - ونحن في رعاء غنم أهلها - فقلت لصاحبي : أبصر لي غنمي حتى أدخل مكة أسمر فيها كما يسمر الفتيان فقال : بلى قال : فدخلت حتى جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير ، [ ص: 447 ] فقلت : ما هذا ؟ قالوا : تزوج فلان فلانة فجلست أنظر ، وضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال : ما فعلت ؟ فقلت : ما فعلت شيئا ، ثم أخبرته بالذي رأيت ، ثم قلت له ليلة أخرى : أبصر لي غنمي حتى أسمر ففعل فدخلت فلما جئت مكة سمعت مثل الذي سمعت تلك الليلة فسألت فقيل : نكح فلان فلانة فجلست أنظر ، وضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال : ما فعلت ؟ فقلت : لا شيء ثم أخبرته الخبر فوالله ما هممت ولا عدت بعدهما لشيء من ذلك حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته . وهذا حديث غريب جدا وقد يكون عن
علي نفسه ، ويكون قوله في آخره حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته مقحما . والله أعلم .
وشيخ
ابن إسحاق هذا ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات ، وزعم بعضهم أنه من رجال الصحيح قال شيخنا في تهذيبه : ولم أقف على ذلك . والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933الحافظ البيهقي : حدثني
أبو عبد الله الحافظ حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13720أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13367الحسن بن علي بن عفان العامري حدثنا
أبو [ ص: 448 ] أسامة حدثنا
محمد بن عمرو عن
أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن
أسامة بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509975كان صنم من نحاس يقال له : إساف أو نائلة يتمسح به المشركون إذا طافوا فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطفت معه فلما مررت مسحت به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تمسه قال زيد : فطفنا فقلت في نفسي : لأمسنه حتى أنظر ما يكون فمسحته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألم تنه ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي زاد غيره عن
محمد بن عمرو بإسناده قال
زيد : فوالذي أكرمه ، وأنزل عليه الكتاب ما استلم صنما قط حتى أكرمه الله تعالى بالذي أكرمه ، وأنزل عليه .
وتقدم قوله عليه الصلاة والسلام
لبحيرى حين سأله باللات والعزى
لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئا بغضهما فأما الحديث الذي قاله الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي أخبرنا
أبو سعد الماليني أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=13357أبو أحمد ابن عدي الحافظ حدثنا
إبراهيم بن أسباط حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة حدثنا
جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509977كان النبي صلى الله عليه وسلم يشهد مع المشركين مشاهدهم قال : فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه : اذهب بنا [ ص: 449 ] حتى نقوم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كيف نقوم خلفه ، وإنما عهده باستلام الأصنام قبيل ؟ قال : فلم يعد بعد ذلك أن يشهد مع المشركين مشاهدهم . .
فهو حديث أنكره غير واحد من الأئمة على
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة حتى قال الإمام
أحمد فيه : لم يكن أخوه يتلفظ بشيء من هذا وقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن بعضهم أن معناه أنه شهد مع من يستلم الأصنام ، وذلك قبل أن يوحى إليه . والله أعلم . وقد تقدم في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة أنه اعتزل شهود مشاهد المشركين حتى أكرمه الله برسالته ، وثبت في الحديث أنه كان لا يقف بالمزدلفة ليلة عرفة بل كان يقف مع الناس
بعرفات كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير عن
محمد بن إسحاق حدثني
عبد الله بن أبي بكر عن
عثمان بن أبي سليمان عن عمه
nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه
جبير قال : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على دين قومه وهو يقف على بعير له
بعرفات من بين قومه حتى يدفع معهم توفيقا من الله عز وجل له .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : معنى قوله على دين قومه ، ما كان بقي من إرث
إبراهيم ، وإسماعيل عليهما السلام ، ولم يشرك بالله قط صلوات الله وسلامه عليه دائما .
[ ص: 450 ] قلت : ويفهم من قوله هذا أيضا أنه كان يقف
بعرفات قبل أن يوحى إليه . وهذا توفيق من الله له ، ورواه الإمام
أحمد عن
يعقوب عن
محمد بن إسحاق به ، ولفظه : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه ، وإنه لواقف على بعير له مع الناس
بعرفات حتى يدفع معهم توفيقا من الله وقال الإمام
أحمد : حدثنا
سفيان عن
عمرو عن
محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : أضللت بعيرا لي بعرفة فذهبت أطلبه فإذا النبي صلى الله عليه وسلم ، واقف فقلت : إن هذا من الحمس ، ما شأنه هاهنا ؟ وأخرجاه من حديث
سفيان بن عيينة به .