خلافة القائم بالله
أبي جعفر عبد الله بن القادر بالله ، بويع له بالخلافة لما توفي أبوه
القادر بالله [ ص: 637 ] أبو العباس أحمد بن المقتدر بالله بن المعتضد بن الأمير أبي أحمد الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور ، في ليلة الاثنين الحادي عشر من ذي الحجة من هذه السنة عن ست وثمانين سنة وعشرة أشهر وأحد وعشرين يوما ، ولم يعمر أحد من الخلفاء قبله هذا العمر ولا بعده ، من ذلك في الخلافة إحدى وأربعون سنة وثلاثة أشهر ، وهذا أيضا شيء لم يسبقه أحد إليه ، وأمه أم ولد اسمها
تمني ، مولاة عبد الواحد بن المقتدر ، وقد كان رحمه الله محبا لأهل العلم والدين والصلاح ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وكان على طريقة السلف في الاعتقاد ، وله في ذلك مصنفات كانت تقرأ على الناس ، وكان أبيض ، حسن الجسم ، طويل اللحية عريضها يخضبها ، وكان يقوم الليل ، كثير الصدقة ، محبا للسنة وأهلها ، يبغض البدعة والقائمين بها ، وكان يكثر الصوم ، ويبر الفقراء من أقطاعه ، يبعث منه إلى المجاورين
بجامع المنصور وجامع الرصافة ، وكان يخرج من داره في زي العامة ، فيزور قبور الصالحين ، وقد ذكرنا طرفا صالحا من سيرته عند ذكر ولايته في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ، وجلسوا في عزائه سبعة أيام لعظم المصيبة به ، ولتوطيد البيعة لولده
القائم بالله أبي جعفر عبد الله بن القادر ، وأمه
قطر الندى أرمنية ، أدركت خلافته . وكان مولده يوم الجمعة الثامن عشر من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، وكانت بيعته بحضرة القضاة والأمراء والكبراء والأعيان ، وكان أول من بايعه
الشريف المرتضى وأنشده أبياتا :
[ ص: 638 ] فإما مضى جبل وانقضى فمنك لنا جبل قد رسا وإما فجعنا ببدر التمام
فقد بقيت منه شمس الضحى لنا حزن في محل السرور
فكم ضحك في خلال البكا فيا صارما أغمدته يد
لنا بعدك الصارم المنتضى ولما حضرناك عقد البياع
عرفنا بهديك طرق الهدى فقابلتنا بوقار المشيب
كمالا وسنك سن الفتى
طالبته
الأتراك برسم البيعة ، فلم يكن مع الخليفة شيء ; لأن أباه لم يترك مالا ، فكادت الفتنة تقع بين الناس بسبب ذلك ، حتى دفع عنه
الملك جلال الدولة مالا جزيلا ، نحوا من ثلاثة آلاف ألف دينار ، واستوزر
الخليفة أبا طالب محمد بن أيوب ، واستقضى
nindex.php?page=showalam&ids=13484ابن ماكولا .
ولم يحج أحد من أهل المشرق سوى شرذمة خرجوا من
الكوفة مع العرب .